المحاضرة الرابعة مداخل التخطيط التربوي

المحاضرة الرابعةمداخل التخطيط التربوي

تتعدد مداخل التخطيط التربوى من أجل الإصلاح والتطوير، ولكل مدخل من المداخل مميزاته وعيوبه ، كما يرتبط اختيار كل منها: • × بالهدف من التخطيط • × التوجه والفلسفة التى يتبناها المخطط • × السياسة العامة للمجتمع وتطلعاته. • ولكن من أبرز هذه المداخل ما يلى: • مدخل الطلب الاجتماعى Social Demand • مدخل القوى العاملة (المتطلبات من القوى العاملة) • Manpower Requirement • مدخل معدل العائد (تحليل الكلفة المنفعة) • Cost- Benefit Analysis

أولا : مدخل الطلب الاجتماعى • ويطلق على هذا المدخل اسم المدخل (الاجتماعى- الثقافى) • والشعار الذى يمكن أن يلخص هذا المدخل هو • أقصى حد من التعليم لأكبر عدد من الأفراد • ولكن هذا الشعار يبدو أنه ليس سهل التطبيق وخاصة مع محدودية الموارد. • وهذا المدخل يقوم على تخطيط التوسع فى التعليم وفقا لحاجة الأفراد للتعليم. • ويسعى هذا المدخل إلى مراعاة احتياجات الأفراد الصريحة والضمنية لتنمية الأفراد والجماعات والطبقات الاجتماعية والمناطق الأقل حظا، ولتقليل الفوارق بين الطبقات داخل البلد أو ازالتها.

وهذا المدخل يرى أن كفاءة النظام التعليمى كما أن لها أبعادها الاقتصادية لها أيضا أبعادها الثقافية والاجتماعية التى يجب أن توضع فى الاعتبار عند تقدير احتياجات المجتمع من التعليم. • وهذا المدخل يهتم بتلبية الحاجات الثقافية للمواطنين. • ويعمل التخطيط التربوى وفقا لهذا المدخل على تهيئة الظروف ودراسة الإمكانيات وتصميم البرامج التى من شأنها تلبية رغبات الأفراد فى التعليم. • وتخطيط التعليم فى إطار الطلب الاجتماعى ينطلق من الأهمية القصوى للتعليم فى التقدم الاجتماعى والتطور السياسى، من خلال عدة حقائق:

× أن التعليم يدعم الانتماء السياسي للوطن ويحفظ للدولة وحدتها.× أن التعليم يساعد على تطوير القيم الاجتماعية والثقافية× أن التعليم يساعد القطاعات المحرومة على تعرف إمكانياتها وتطويرها واكتشاف قدراتها الكامنة.× أن التعليم يعد القوى الحافزة على الابتكار والإبداع× أن التعليم يبنى المواطنة السليمة. × أن التعليم يثير الرغبة فى التقدم ويدفع إلى التنمية. × أن التعليم يساهم فى تقليل التفاوت الطبقي. على التعليم أن يلبى طموحات الأفراد ويحقق تكافؤ الفرص ولكن مع ضعف الامكانيات وزيادة الطلب الاجتماعى تبدو المعضلة وتعجز نظم التعليم عن الوفاء بذلك

## أوجه النقد الموجهة لمدخل الطلب الاجتماعي: @@هذا المدخل يتطلب إمكانيات كبيرة لتوفير التعليم للجميع. @@ صعوبة تحقيق هذا الطلب المتزايد فى مجال التعليم العالي مع ارتفاع كلفته ونقص مصادر التمويل وعدم كفايتها مما يقلل من كفاية هذا التعليم. @@ معضلة الكم والكيف فى التعليم، فقد يؤدى توفير التعليم وفقا لرغبات الأفراد مع محدودية الموارد إلى ضعف نوعية وجودة التعليم. @@قد لا تتوافق رغبات الأفراد واحتياجاتهم مع خطط التنمية المجتمعية المستقبلية، لقلة درايتهم بمتطلبات قطاعات العمل فى المستقبل.

ثانيا : مدخل القوى العاملة • تعريف قوة العمل Labor Force: • يقصد بها جميع الأفراد الذين يساهمون فعلا بالعمل بمجهودهم الجسمانى أو العقلى فى أى عمل يتصل بإنتاج السلع أو الخدمات أو الذين يقدرون على أداء هذا العمل ويرغبون فيه ويبحثون عنه. • وهم مجموع السكان مستبعد منهم غير القادرين على العمل وغير الراغبين فيه والذين لا تسمح لهم ظروفهم بالمشاركة فيه(الطلاب/ النساء). • هذا المدخل يخطط التوسع التعليمى لمواجهة احتياجات سوق العمل من القوى العاملة المؤهلة وتوفير الموارد البشرية بالكم والكيف الذى يلاءم خطط التنمية بجوانبها المختلفة. • وهنا يتساءل المخطط التعليمى عن المؤهلات التعليمية التى يجب أن تتوافر فى القوى العاملة بما يتناسب مع احتياجات خطط التنمية الشاملة. • بمعنى ترجمة الاحتياجات من هذه القوى العاملة بما تتصف به من مهارات إلى ما يعادلها من المستويات التعليمية ونوعيات التعليم

ويبنى هذا المدخل على أساس أن حجم الإنتاج فى قطاع معين يحتاج عددا من القوى العاملة المؤهلة من نوعيات معينة، ومن ثم يجب على التعليم أن يضع فى الاعتبار حاجات القطاعات المختلفة من القوى العاملة سواء على المدى القريب أم المتوسط أم البعيد. • ×× والجدير بالذكر أن هذا المدخل يعتبر ذات طابع اقتصادى. • ×× تتفاوت الدول فى تكييف وموائمة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل، فهناك: • & دول تجعل تخطيط القوى العاملة جزء لا يتجزأ من التخطيط العام للدولة. • & دول تعمل على تكييف الخريجين وإعادة مواءمتهم لاحتياجات سوق العمل وذلك بعد التخرج(هذا الاتجاه يتميز بالإهدار).

طرق تقدير المستويات التعليمية للمهن المختلفة: • يوجد عدة طرق لتقدير المستويات التعليمية للمهن المختلفة، منها: • 1- الاعتماد على مؤهلات الطاقة العاملة وتعتبر هذه المؤهلات أساسا لتقديرات المستقبل. • 2- الرجوع إلى أرباب العمل ومديرى المؤسسات لمعرفة المهارات والمستويات المطلوبة لديهم واعتبار هذه المعلومات أساسا يبنى عليه التنبؤات بالمؤهلات التعليمية اللازمة للقوة العاملة المطلوبة لتنفيذ خطط التنمية. • 3- الاتصال المباشر بالعاملين وسؤالهم حول المهارات التى تنقصهم ونوع التعليم الذى يرونه مناسبا لانجاز أعمالهم. • 4- تحليل مهام العمل المطلوب من القوة العاملة القيام بها لتعرف المهارات والكفاياتالتى يتطلبها انجاز هذه المهام. • 5- المقارنات الدولية فى معرفة مستويات المهارات اللازمة للمهن الجديدة والمطلوبة لبناء صناعات وأنشطة عمل جديدة.

التنبؤ بحجم الطاقة العاملة • تتضمن هذه العملية المراحل الثلاث التالية: • ** التنبؤ بالحجم الكلى للطاقة العاملة : • ويمكن حساب ذلك من خلال تقدير حجم الطاقة العاملة إلى مجموع الطاقة البشرية فى سنة الأساس، ثم نطبق هذه النسبة على عدد السكان المتنبأ فى الفترة موضوع الاهتمام. • وهذه الطريقة طريقة تقديرية حيث تتأثر بعدة متغيرات، منها: • × التغيرات فى نظام العمل (مثل العمل لبعض الوقت / ربات البيوت والأمهات قد يدخلون سوق العمل) • × التغيرات فى ساعات العمل • × التغيرات فى التركيبة الديموغرافية للسكان • ×التغيرات فى النظام المدرسى ، مثل إطالة مدة الالزام.

** التنبؤ بتوزيع الطاقة العاملة على قطاعات النشاط الاقتصادى • بعد تحديد الحجم الكلى للطاقة العاملة فى الفترة الزمنية المحددة، يلزم توزيع هذا الحجم الكلى على قطاعات النشاط الاقتصادى المختلفة بحيث يحقق هذا التوزيع الأهداف الاجتماعية والاقتصادية المنشودة. • ويمكن أن يتم ذلك بعدة طرق منها: • × التعرف على الاتجاهات الماضية فى توزيع الطاقة العاملة على قطاعات النشاط المختلفة واعتبارها منبئة عن الاتجاهات الآتية. • × تقدير الانتاجالداخلى المتوقع فى كل قطاع من قطاعات الانتاج فى ضوء تنبؤات الطلب عليه، ثم تحديد عدد الساعات اللازمة لتحقيق هذا الانتاج، وقسمته على عدد ساعات العمل اليومى/ الشهرى/ السنوى للعامل، ومن ثم يمكن تحديد حجم القوة العاملة اللازمة لكل قطاع.

** التنبؤ بالبنيان المهنى فى كل قطاع من قطاعات الإنتاج. • وذلك لتقدير نوعيات المهن أو المستويات المهنية (مهندس ، فنى، عامل )وأحجام العاملين بها داخل كل قطاع، ويتم ذلك من خلال: • × الاتجاهات الماضية واستخدامها للتنبؤ بالاتجاهات الحاضرة. • × المقارنات الدولية، وبخاصة عندما تأخذ الدول النامية الدول المتقدمة(أو التى بلغت درجة من التقدم) نموذج يحتذى لتحقيق النمو. • × المقارنات الداخلية بين المؤسسات داخل البلد الواحد، وبخاصة عندما نجد أن الطاقة العاملة فى أحسن المؤسسات ذات بنية مباينة للمؤسسات الأخرى فى المجتمع، فنعتبر بنية المؤسسات الأكثر تطورا نموذجا لما يكون عليه مستقبل بنية المهن فى هذا القطاع.

## أوجه النقد الموجهة لمدخل القوى العاملة: @@ أن الأهداف الاقتصادية ليست الأهداف الوحيدة للتعليم ، فهناك أهداف اجتماعية ثقافية يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند تخطيط التعليم . @@ أن هذا المدخل ربما يتضاءل إلى مجرد إقامة التوازن بين العرض والطلب من القوى العاملة .

ثالثا: مدخل معدل العائد • ×× على الرغم من أن للتعليم عوائد أخرى غير اقتصادية، يصبح من الضروري تقدير قيمة العائد الاقتصادي منه، نظرا لارتباطه بتكاليف التعليم والعائد منه. • ×× وهذا من شأنه أن يوجه مخططي التعليم إلى اتجاه الاستثمار فى أى من أنواع التعليم وفى أى من مراحله. • ×× كما أن حسابات(التكلفة - العائد) تساعد على فهم تكلفة التعليم ومقارنتها بالزيادة فى دخول أفراد القوى العاملة. • ×× كما أنها قد تقترح طرقا وأساليب لزيادة فعالية التعليم إما من خلال زيادة معدل العائد أو بواسطة تخفيض التكلفة.

مفهوم العائد من التعليم العائد من التعليم : هو مقدار الزيادة فى الدخل القومي الحقيقي التي ترتبط وتقترن بالتعليم الإضافي الذي يحصل عليه أفراد القوة العاملة. أو مقدار الزيادة فى دخول الأفراد نتيجة حصولهم على فرص التعليم مقارنة بنظرائهم أو بأنفسهم قبل تحصيل التعليم. أو هو قدرة الأفراد المتعلمين على الإنتاج والكسب ، وتحقيق الرخاء والرفاهية لهم ولأسرهم والبيئة المحيطة بهم. أو هو زيادة قدرة الفرد المتعلم على الإنتاج المبدع واستخدام أدوات الإنتاج بفعالية وزيادة دخله وترقية حياته الخاصة والعامة وحسن استثماره لمقومات مجتمعه والاستمتاع بالرفاهية.

تصنيف عوائد التعليم× عائد تعليمى مباشر على مستوى الفرد× عائد تعليمى غير مباشر على مستوى الفرد .× عائد تعليمى مباشر على مستوى المجتمع.× عائد تعليمى غير مباشر على مستوى المجتمع. • وأيا كان العائد من التعليم فلا معنى له ما لم: يقارن بمعدل العائد من مشروعات استثمارية أخرى. • وعموما يستعمل مخطط التعليم معدل العائد فى الاستثمار التعليمي • ليقوم بعدة مقارنات، منها: • × مقارنة معدل العائد من التعليم بالعائد من مشروعات استثمارية أخرى. • × مقارنة العائد من أنواع أو مراحل مختلفة من التعليم مع بعضها البعض. • × مقارنة معدل العائد الاجتماعي من التعليم فى دولة بما يماثلها من مشروعات أخرى

## أوجه النقد الموجهة لمدخل معدل العائد : @@ أيا كانت الطريقة المستخدمة فى حساب العائد الاقتصادى للتعليم فى أى من مراحله أو فى أي من نوعياته، فهناك عدة مشكلات تواجه هذه الطرق ، غالبا ما ترتبط بالحقائق والبيانات المطلوبة لحساب العائد . . @@ أن التفاوت في مستوى التعليم ربما لا يكون العامل الحاسم فى التفاوت فى قيمة العائد من التعليم، فهناك مستوى ذكاء الفرد ومستواه الاجتماعي والاقتصادي، وتدخل عوامل المحسوبية وغيرها

مدخل النموذج التعليمى الأجنبى • ينطلق هذا المدخل من تصور نموذج تعليمي (نظام تعليمي ) مثالى فى دولة ما ، يؤخذ على أنه القدوة أو المثل الأعلى الذى يتطلع اليه القائمون على التعليم فى دولة أخرى ليكون نظاما لهم فيسعون إلى محاكاته. • وطبيعى أن يكون هذا النموذج التعليمى متقدما محققا لأهدافه محدثا ثورة اقتصادية واجتماعية وتعليمية فى بلده الأصلى. • ولكن يلاحظ أن اعتبار التعليم فى دولة ما نموذجا يمكن التخطيط للتعليم فى دولة أخرى على أساسه مدخل غير مضمون النجاح فى الغالب.

من منطلق أن التعليم منظومة صغرى Micro system من منظومة أو نسق أكبر Macro System هو المجتمع الذى يوجد فيه بعاداته وتقاليده وظروفه الخاصة. • ما يدلل على ذلك فشل الكثير من النظم والنماذج المستوردة وتأثيراتها السالبة على المجتمع.

مدخل الدراسات المقارنة • والدراسات المقارنة قائمة على الاستفادة من النظم المتميزة فى البلدان الأخرى مع الوضع فى الاعتبار العوامل والقوى الثقافية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها المؤثرة فى التعليم. • وذلك لأنه لا يمكن بناء أو تطوير نظام تعليمى عن طريق استعارة نظم تعليمية أجنبية فما يحدث فى خارج المدرسة له أهمية كبرى وتأثير على ما يحدث داخلها. • وعليه فالدراسات المقارنة التى تهتم بدراسة والاستفادة من تجارب النظم الأجنبية مع الأخذ فى الاعتبار القوى والعوامل التى شكلتها وطموحاتها المستقبلية يعتبر مدخل هام للتخطيط.

ولكن المخطط هنا لابد أن يقف على امكانية وقابلية النظم المنقولة للتطبيقApplicability ، فقد يستلزم الأمر ادخال تعديلات على النظم القائمة أو تهيئة المناخ لتحقيق الإفادة. • وهناك ثلاث عوامل يجب أخذها فى الاعتبار فى الدراسات المقارنة. • 1- النمط الطبيعى أو الفيزيقىPhysical Pattern : • وهذا النمط يشمل النواحى الطبيعية ، وما يندرج تحتها من عوامل سكانية ومناخية، وموارد طبيعية ، وكلها ذات صلة بتوفير الموارد اللازمة للتعليم. • 2- النمط المؤسسىInstitutional Pattern: • ويعنى هذا النمط بدراسة الأنساق والنظم الاجتماعية والاقتصادية والتعليمية فى علاقتها ببعضها البعض، كما يظهر علاقة التعليم بغيره من المنظومات الاجتماعية الأخرى.

3- النمط المعيارى Normative Pattern : وهذا النمط يتعلق بالقاعدة العلمية والمعيار العلمى الذى توصل اليه العلم والعلماء لتحديد الوضع المثالى أو الطريقة الأمثل لأداء الشئ، وتتم مقارنة الصورة النموذجية أو المثالية بالواقع فتتضح مشكلات الواقع وأزماته، ومن هنا تبدأ المبادرة.

خامسا: تخطيط التعليم فى ضوء ما يمكن توفيره من موارد ويشير هذا المدخل مباشرة إلى محدودية الموارد الموجهة للتعليم. سواء كانت الموارد من: × الميزانية العامة للدولة ككل. × من الحكومة المركزية والحكومات المحلية والجهود الشعبية. × من موارد وطنية أو موارد أجنبية جاءت من خلال المنح والقروض. ويستند هذا المدخل على: 1- ضرورة استثمار الموارد المتاحة الاستثمار الأمثل حتى يمكن المساهمة فى تعويض النقص بحسن التدبير. 2- استثمار الموارد والطاقات البشرية المتوفرة وما يمكن توفيره من مصادر بشرية كالخبراء فى المناهج وطرق التدريس والمعلمين وغيرهم ، حيث يمثل توافر مصادر بشرية مدربة عامل جوهرى لنجاح التخطيط والتنفيذ، ولحسن استثمار الموارد.

أى أن هذا المدخل فى التخطيط يقوم على ما يمكن توفيره من موارد بشرية ومادية، وتحديد الصورة المثلى للخطة فى ضوء الموارد المتاحة وما اذا كانت الخطة ستشمل كل جوانب النظام التعليمي أو جزء منه. • لماذا لا تلجأ الدول للقروض الخارجية لسد نفقات التعليم؟ • قد يكون ذلك تهديد للاستقلال الوطني ، وتدخل الدول المناحة فى شئون التعليم. • سؤال هام: أي المداخل السابقة أفضل للتخطيط؟ • إنّ المخطط يمكن أن يستخدم أكثر من مدخل لتخطيط التعليم ، ويمكن أن يكامل بين أكثر من مدخل، وهذا يجعل التخطيط أكثر فاعلية.

انتهت المحاضرة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

المحاضرة الرابعة مداخل التخطيط التربوي