1 / 124

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم. وقُلِ اعمَلُوا فَسَيرَى الله عَمَلَكُم وَرَسُولَهُ والمُؤمِنُون. مساق. الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر. أ.د أحمد عرفات القاضي رئيس قسم الفلسفة الإسلامية كلية دار العلوم جامعة الفيوم. مفهوم الفكر الإسلامي الحديث. الفكر هو حركة العقل

Download Presentation

بسم الله الرحمن الرحيم

An Image/Link below is provided (as is) to download presentation Download Policy: Content on the Website is provided to you AS IS for your information and personal use and may not be sold / licensed / shared on other websites without getting consent from its author. Content is provided to you AS IS for your information and personal use only. Download presentation by click this link. While downloading, if for some reason you are not able to download a presentation, the publisher may have deleted the file from their server. During download, if you can't get a presentation, the file might be deleted by the publisher.

E N D

Presentation Transcript


  1. بسم الله الرحمن الرحيم وقُلِ اعمَلُوا فَسَيرَى الله عَمَلَكُم وَرَسُولَهُ والمُؤمِنُون

  2. مساق الفكر الإسلامي الحديث والمعاصر أ.د أحمد عرفات القاضي رئيس قسم الفلسفة الإسلامية كلية دار العلوم جامعة الفيوم

  3. مفهوم الفكر الإسلامي الحديث • الفكر هو حركة العقل • الفكر الإسلامي : هو ما أنتجه العقل المسلم من خلال الأصول الإسلامية ( القرآن والسنة) سواء كان هذا الفكر صوابا أو خطأ . • الفكر الإسلامي الحديث : جهود المسلمين في العصور الحديثة في تجديد وتطوير الفكر الإسلامي استنادا إلى الأصول الإسلامية الصحيحة .

  4. عوامل خارجية الحملة الفرنسية رأى لويس عوض أهداف الحملة عوامل داخلية أولا: حركة محمد بن عبد الوهاب ثانيا: رأى محمود شاكر الرد على القول بدور الحملة الفرنسية عوامل نشأة الفكر الإسلامى الحديث

  5. تعقيب

  6. مصطلح التجديد • غموض المصطلح:يمكن القول أن مصطلح التجديد تشعبت معانيه، وتنوعت مضامينه مع بداية العصر الحديث، لتنوع خطاب التجديد بين تيارات مختلفة المشارب والرؤى رغم اتفاقهم على ضرورة التجديد كمطلب ملح، وإشكالية حقيقية تواجه الأمة. ومن هنا يعد مفهوم التجديد من المفاهيم الإشكالية . • التجديد مطلب ذاتي في الإسلام :ومصطلح تجديد كلمة لها أصولها الشرعية ومدلولها الواضح من خلال حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله يبعث على رأس كل مئة عام من يجدد لهذه الأمة أمر دينها". • التجديد والواقع :وقد يكون التجديد تفاعلا مع الأحداث وإحساسا برتابة الواقع، وحاجته للتغيير وعودة الوعي من جديد، بعد طول انقطاع أو انحراف عن الطريق السوي الذي سارت فيه الأمة، فخلدت للتقليد واستنامت إلى الراحة مكتفية بترديد مقولة: "إن السابق لم يترك للاحق شيئا" • التجديد والتراث :والتجديد ليس انقطاعا عن تراث السابقين ولا قفزا عليه، ولكنه يكون بقتل هذا التراث بحثا، ونقدا لاستيعابه – حسب تعبير الشيخ أمين الخولي – وتجاوزه إلى أفق جديد يتناسب مع طبيعة العصر ومشكلات الوقت الراهن، لمواجهة التحديات المفروضة على الأمة.

  7. الإصلاح • أهمية الإصلاح :ويبدو أن مصطلح الإصلاح كان الأكثر قبولا في التعبير عن معنى التجديد من مصطلح تجديد نفسه. فرغم أن كلمة تجديد وردت في الحديث النبوي ويقصد بها عودة الناس للأصول الصحيحة بعيدا عن البدع والخرافات. • المصطلح الأكثر رواجاً :فمصطلح الإصلاح كان هو الأكثر رواجا في القرن التاسع عشر وحتى منتصف القرن العشرين، وهذا ما يستشف من جهود الشيخ محمد عبده الذي كانت ترمي لإصلاح الأوضاع في جميع المجالات الدينية والاجتماعية والسياسية. • الكتب المستخدمة بالعنوان :زعماء الإصلاح ، عبقري الإصلاح والتعليم .

  8. النهضة • مصطلح النهضة:أما مصطلح النهضة، فيحمل مضامين مادية، وربما لهذا السبب لم ينل شهرة واسعة كالإصلاح، كما أنه يتخطى نطاق الخطاب الديني نحو أفق أكثر عمومية يشمل جميع أنواع الخطاب. • النهضة والسقوط :لكن المصطلح رغم هذا يعبر عن معنى التجديد الإصلاح، فالنهضة تكون بعد سقوط وتعثر وهذا ما جاء به الأنبياء والمرسلين للنهوض بالأمم والشعوب. • الإسلام والنهضة :فالإسلام ليس دين عبادة فقط وإنما هو نهضة دينية ومدنية معا، قصد بها النهوض بالعرب الذين اختير الرسول منهم أولا، لينهضوا بسائر البشر ثانيا، وقد كان العرب في ذلك الوقت أمة أمية وهو ما أشار إليه القرآن الكريم في قوله تعالى في سورة الجمعة "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(2)".

  9. الإحياء • مصطلح الإحياء:بمعنى إحياء الدين في النفوس ورد الناس إلى الدين الحق، وهو مصطلح استخدم كثيرا قديما وحديثا منذ كتاب أبو حامد الغزالي الشهير إحياء علوم الدين وهو مصطلح شاع في العقدين الآخرين من القرن العشرين، وأطلق على الحركة الإسلامية التي تنامت في تلك الفترة وقويت شوكتها خصوصا بعد الثورة الإسلامية في إيران.

  10. إعادة البناء • معنى المصطلح :مصطلح إعادة البناء(Re-Constructor) وهو ما جاء في كتاب محمد إقبال عن "إعادة بناء الفكر الديني في الإسلام" (Re-Construction of Religion Thought) وإن كان إقبال يركز في كتابه على المنهج ولا يخفى تأثره بالتطور الحادث في مجال العلوم الإنسانية والاجتماعية في الغرب الذي كان يعيش فيه، والذي كان واقعا تحت تأثير نظرية دارون في مجال العلوم الإنسانية الاجتماعية.

  11. الصحوة • معنى المصطلح: والصحوة تعني عودة الوعي والانتباه بعد غيبة، وقد عبر عن هذه الظاهرة في بعض الأحيان بعنوان اليقظة في مقابل الرقود أو النوم الذي أصابها في عهود الاستعمار والسياسي الذي خلف ألوانا أخرى من الاستعمار الثقافي والاجتماعي، الذي يسلخ الأمة من ذاتيتها. • شيوع المصطلح في الوقت الراهن :وقد تم تداول مصطلح الصحوة بكثرة منذ عقد التسعينيات من القرن الماضي حيث شهدت الساحة العربية والإسلامية في تلك الفترة انشغالا واضحا بدراسة الصحوة الإسلامية، كما تم الانشغال بها أيضا في الغرب ولكن بدوافع مختلفة فخرجت ألاف الدراسات الغربية وعقدت عشرات المؤتمرات عن الأصولية الإسلامية.

  12. تعـقــيـب • جملة القول أنه شاع استخدام اصطلاح الصحوة للدلالة على هذه الظاهرة، وهناك من استخدم اصطلاح الإحياء لما يعنيه من بث روح جديد في نفوس الناس، وبدت الصلة وثيقة بين هذين الاصطلاحين وبين اصطلاحي اليقظة والنهضة، الذين شاعا منذ أكثر من قرن في وطننا للدلالة على طور انبعاث حضاري، تنتقل به الأمة من حالة النوم والركود إلى حالة اليقظة والنهوض، وتتجاوز السكون إلى الحركة.

  13. التجديد والمنهج • حاجتنا للتجديد المستمر:الزعم بأن الفكر الإسلامي لا يواجه مشاكل؛ يعد من قبيل السذاجة والوهم، وذلك لأن الفكر عموما يكتنفه القصور والنقص والخطأ والجمود، والفكر الإسلامي ليس بدعا في هذا، ومن هنا فالطبيعي عقلا ومنطقا فضلا عن الواقع يقول أن الفكر الإسلامي بحاجة دائمة للتجديد وأنه على مر التاريخ والعصور وجد من العلماء من قام بهذا الدور في جميع مجالات الفكر الإسلامي المتنوعة، ويواجه هذا الفكر تحديات جسام تفرض على علمائه شحذ الهمم لمواجهة مشكلات العصر وقضاياه. • الفكر يكتنفه الغموض . الفكر الإسلامي ابن بيئته وعصره . • الفكر الإسلامي مطالب بقضايا زمانه والفلسفات السائدة والسياسات والمشكلات والقضايا الواقعة • أن استقراء التاريخ والواقع دل على ركود الفكر الإسلامي وتقادمه في فترات عديدة سواء كانت طويلة أو قصيرة، متصلة أو منفصلة. • ولا يمكن رد تخلف الفكر الإسلامي نتيجة تفريط بعض الحكام، لأن هذا التعليل فساد في تصور المشكلة. وذلك لأن القراءة الموضوعية لملف النهضات والحضارات تنتهي إلى هذه النتيجة الحاسمة.

  14. أهمية المنهج في عملية التجديد • وترتبط قضية تجديد الفكر الإسلامي، بقضية أخرى زمنا وموضوعا- تقترن بها، وهي المنهج الذي ينبغي أن تسير عليه حركة التجدد الفكري: في المنشأ والمسير والنتيجة. • فالذين يفكرون بلا منهج، لم يخرجوا من دائرة الفوضى الفكرية، والذين يفكرون وفق منهج خاطئ عجزوا عن أن يكونوا مجددين حقيقيين. ذلك أن للتجديد الحق أصولا وشروطا لا يظفر بالنجاح في التجديد من تجاوزها، أو تجاهلها، أو أخل بها. • وعلى الرغم من أنه قد صدر عن هؤلاء – الذين يعملون في حقل الفكر الإسلامي دون منهج – انطباعات فكرية جديدة اجتماعية أو سياسية أو تربوية، بيد أن الخلل في المنهج حرمهم من بلوغ مراتب عالية، كان ينبغي أن يرتقوها، وحرم الأمة مما هي في أشد الحاجة إليه من فكر جديد.

  15. التجديد والتوفيق • فعلى سبيل المثال، التوفيق الذي قام به فريق كبير من الباحثين العرب بين الأفكار والرؤى الغربية وبين أصول الفكر الإسلامي لا يعد تجديدا لما ينطوي عليه هذا المنهج من مخاطر جمة تضر أكثر مما تنفع في عملية التجديد، فإن التوفيق بين الشورى والديمقراطية ليس تجديدا، والتوفيق بين عدالة الإسلام واشتراكية ماركس ليس تجديدا. • والتوفيق بين حقائق الإسلام ونظريات علمية – لا تزال في طور التمحيص ليس تجديدا. والتوفيق بين أهل السنة والجماعة، وبين أقوام مخالفين للمنهج في الأصول ليس تجديدا. والجرأة على الاجتهاد – بلا عدة – ليس تجديدا. وبعث أفكار قديمة – لا قيمة لها – في صورة عصرية، من حيث الترتيب الفني، ولمعان الأسلوب ليس تجديدا. إذن فالعمدة في أمر التجديد هو المنهج. فلا تجديد بلا منهج، ولا تجديد بمنهج خاطئ.

  16. المنهج السلفي وخصائصه • الاستغراق الكامل في النصوص. إساءة الظن بكل مذهب والوقوف بصفة خاصة عند الأحكام الفرعية . • أو رأي أو اجتهاد يدعو إلى استخدام العقل، والتعويل عليه في استنباط الأحكام الفقهية وتقرير الأمور الدينية. واعتبار هذا الاستخدام تهديدا لقدسية الشريعة، ومدخلا لتحكم الهوى، وتمردا على حكم الله. • المبالغة في تقديس آراء علماء القرون الأولى من تاريخ الإسلام، ومتابعة تلك الأقوال والآراء امتثالا لما ورد به حديث النبي صلى الله عليه وسلم " خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم" ولما اشتهر عنهم من الجمع بين العلم والعمل به، وبين المعرفة والتقوى، على نحو كانوا معه أئمة في العلم وقدوة للأمة في السلوك والعمل. • ونحن لا نخفي استدراكنا على كل المقولات المكونة لهذا المنهج .. واعتقادنا بأنها تؤدي إلى انكماش الحضارة الإسلامية، وتراجع شأن المسلمين .. كما أنها تلزم المؤمنين بما يلزم به الله .. وتملأ حياتهم عسرا وحرجا وحيرة .. • إن العقل المسلم المعاصر يحتاج إلى أن يعيد النظر في جسارة وثقة في كل واحدة من المقولات التي تقف في طريق التجديد، وتحبس الأمة في إطار التقليد.

  17. الـرد على السلفية • أن أحدا من المسلمين، عامتهم وعلمائهم، لا يخطر بباله أن يهون من قدسية النصوص القرآنية، أو نصوص الأحاديث النبوية الصحيحة.. وهم جميعا مأمورين بالامتثال لما جاءت به تلك النصوص. • ولكن النصوص الجزئية تحتاج إلى تفسير، ولهذا التفسير أصول ومناهج مقررة.. كما أن وراء النصوص الجزئية مقاصد كلية عامة لا يتصور الغفلة عنها أو الذهول عن أحداثها.. وإلا استوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون.. ولوقع جملة الناس في الحرج والعسر والمشقة بسبب التزامهم ما لا يلزم، ولفاتت مصالح ومنافع شرعها الله سبحانه لهم. • - والإتباع الذي أمرنا به هو إتباع العقلاء المبصرين الذين يرون آيات الله تعالى في الآفاق وفي أنفسهم .. لا إتباع المقلدين الذين سدوا على أنفسهم، وعلى الناس طرقا كثيرة من طرق الحق والخير والعدل، ظنا منهم منافاتها للشريعة، ولعمر الحق إنها لم تناف الشريعة، وإنما نفت ما فهمه هؤلاء من الشريعة .. والابتداع الذي نهينا عنه، هو أن يدخل على الدين ما ليس منه، زيادة فيه أو نقصا منه.

  18. ثنائية العـقل والنـقل • قد آن الأوان لإسدال الستار على الثنائية التقليدية التي سممت الحياة الفكرية لملايين المسلمين عبر قرون طويلة، وهي الثنائية التي تقابل بين العقل والنقل • ولا نقول في هذا إلا أن العقل آية من عند الله. وأن النقل قرآنا وسنة نعمة ورحمة من عند الله، وليس يصح في العقول أن تتناقض آيات الله مع رحمته. • وإذا وقع تناقض موهوم مرجعه إلى واحد من أمرين: • أولهما: ألا يكون المنقول قطعيا في وروده أو في دلالته. • والآخر: ألا يكون المعقول يقينا في صحته وثبوته وثباته. ولكن المهم أن يستقر في العقل المسلم أن الإيمان فريضة، وأن العلم – هو الآخر – فريضة. وأن الله تعالى أنعم علينا بكتابين هما آيتان من آيات رحمته. كتاب الموحى به إلى نبيه صلى الله عليه وسلم. وكتابه الأكبر المثبوت في الكون والتاريخ وفي ثنايا الوجود كله. وإذا كان الإيمان والتصديق هما السبيل إلى استقبال كتاب الله الأول. فإن البحث والتجربة والنظر وسائر ما يتجلى به العقل على العالم، والطبيعة هو السبيل إلى استقبال كتاب الله الأكبر، المبثوثة آياته في الآفاق والأنفس.

  19. أهمية التفاعل الحضاري • وأما رفض كل فكرة وافدة، وإغلاق الباب في كل وجه كل تبادل ثقافي، فإننا نرى الإسراف فيه تغييرا واضحا عن المبالغة في الخوف، ونقص الثقة في قدرة الأمة، وقدرة علمائها على اتخاذ موقف نقدي من تلك الأفكار الوافدة. • إن هذا الرفض المطلق الذي يعزل ثقافة المسلمين عن كل ثقافة إنسانية قديمة أو حديثة يقوم على ثلاثة أخطاء لابد أن نسميها بأسمائها، وأن نستدرك عليها في غير مجاملة لأحد.

  20. خطأ الرافضون للتفاعل • الخطأ الأول: تصور الإسلام كما لو كان كيانا ونظاما مختلفا عن كل ما عداه اختلافا مطلقا، وينسى أصحاب هذا التصور أن الإسلام هو دين الأنبياء جميعا. وأن الحكمة ضالة المؤمن. • الخطأ الثاني: تصور إمكان العزلة، وتوهم أنها مسلك يحتاج إليه المسلمون وهذا خطأ مركب. فالعزلة لم تعد ممكنة بعد الثورات العلمية والصناعية التي أدت إلى سقوط حواجز الزمان والمكان. ولم يعد لطلاب العلم العزلة سبيل – اليوم- لممارستها إلا بأن يقطعوا عن أنفسهم شرايين الحياة، وهواء التنفس، ونسمات الحياة الاجتماعية التي فطر الناس عليها. • الخطأ الثالث: أن كثرة الحديث عن خطر الفكر المستورد والعيش الدائم تحت ظلال الخوف من أشباح الغزاة يحتاج إلى مراجعة واستدراك، ذلك أن أكثر الأفكار التي نعايشها اليوم أفكار مستوردة من مكان آخر أو زمان آخر. والفرض الذي لا يجوز البناء غيره أن المسلمين أصحاب عقول ونظر، وأن لهم في اختيارهم من تجارب الآخرين وأفكارهم ميزانا ومعيارا. والمسلمون في تاريخهم الطويل ابتداء من عصر النبوة لم يجدوا - في عصور نهضتهم- حرجا ولا غضاضة في أن يأخذوا من غيرهم وأن يأخذ غيرهم منهم.

  21. تحديات خارجية يواجه الخطاب الديني المعاصر مأزقا حقيقا في التعامل مع الغرب عموما، من حيث طبيعة هذا الخطاب، وكيفية إيجاد خطاب إسلامي واضح ومميز يجيد التعامل مع العقلية الغربية، بعيدا عن أسلوب الوعظ المباشر والنمطية السائدة في عالمنا العربي والإسلامي. فالغرب يحتاج لعقلية عاشت وفهمت الثقافة الغربية، وتعرف كيف تخاطب المثقف الغربي بلغته بعيدا عن أسلوب الخطابة والوعظ المباشر. الغرب يحتاج للغة العقل والبرهان، وبناء على هذا يحتاج لعقلية أمثال على عزت بوجوفيتش ومردا هوفمان، وليس لمن يحدثهم عن البدعة ودار الكفر ودار الإيمان. تحديات داخلية الاستقطاب الطائفي والمذهبي بين السنة والشيعة. مشكلة التخلف الحضاري عند المسلمين. مشكلة الغلو والتطرف والفهم المنقوص للإسلام. ضرورة تجديد أدوات الخطاب الديني المعاصر التحديات المعاصرة

  22. الاستقطاب الطائفي والمذهبي • تعد قضية الخلاف التاريخي بين الشيعة والسنة، من المشكلات الحقيقية التحديات الداخلية التي تواجه الخطاب الديني في العصر الحديث. ورغم انعقاد عشرات المؤتمرات لهذا الغرض يبقى الوضع على ما هو عليه، دون تغيير حقيقي وجوهري ملموس لحل هذه الإشكالية، التي مازالت تمثل صداعا مزمنا بين شطري الأمة سنة وشيعة، وتعد تحديا حقيقيا يهدد بنيانالوحدة الإسلامية. • ورغم هذا الواقع المرير يظل موضوع الحوار البناء بين المسلمين سنة وشيعة أولى بالاهتمام من الحكماء والعقلاء من أبناء الأمة سنة وشيعة على السواء، وهذا ما يؤكده منطق الدين والعلم والواقع • وهذا الحوار الواعي من أجل التقارب والتلاحم بين أبناء الأمة، بجميع مذاهبها ومدارسها وطوائفها، تحتمه ضرورات الواقع، وما تتعرض له الأمة من مخاطر تهددها دون تفريق بين شيعة وسنة

  23. مرتكزات الحوار • معرفة الطرف الآخر من خلال مصادره، وحسن الظن به. • التعاون في المتفق عليه، والتحاور في المختلف عليه. • تجنب الاستفزاز، والمصارحة بالحكمة. • البعد عن شطط الغلاة. • الحذر من الدسائس وضرورة التلاحم.

  24. نقاط الإلتقاء • وحقيقة الأمر أن البحث الموضوعي المجرد من قبل علماء وباحثي كل مذهب وطائفة لعقائد الطوائف الأخرى ومناهجها الفقهية سيكشف للجميع أن المساحات المشتركة واسعة جدا. أما الخلافات فيمكن الوصول في كثير منها إلى نقاط وفاق. وأما ما لايمكن الوصول فيه إلى نقاط وفاق، فيترك لكل مذهب بحيث يعد من خصوصياته ومميزاته، ولا يجعل ذريعة لاعتبارها أساسا للخلاف والنزاع وإفساد العلاقات الإسلامية. • ومن قبيل التفاؤل الزائد عن الحد رؤية هذا الخلاف - الذي اعتبر عامل انقسام – على أنه لا يعدو كونه واقع ضمن الوحدة، ولا يجوز الاسترسال مع هذا التنوع أو هذا الاختلاف، لأن ذلك يؤدي إلى الإخلال بوحدة الأمة، باعتبارها وحدة عقائدية وتشريعية. كما لا يجوز بحث هذه الخلافات خارج دائرة العلماء المتخصصين الضيقة، فلا تكون مادة للحديث اليومي أو الموسمي بين العامة او على صفحات الصحف أو الفضائيات • وما يذكره بعض الباحثين عن وجود خلافات عقائدية تحول دون هذا التقارب مثل قول الشيعة بالعصمة للأئمة، وكذلك القول بالغيبة والرجعة، وغيرها فهي تدخل في سياق الخلافات التاريخية، التي لا وجود لها الآن. ومن جهة أخرى يعد الحديث عن ولاية الفقيه وغيرها انقلابا على هذه الأفكار التاريخية.

  25. مشكلة التحدي الحضاري • تعد مشكلة التخلف الحضاري أحد التحديات الداخلية التي تعوق الخطاب الديني عن أداء دوره ، خصوصا في المجتمعات غير الإسلامية، وبالتالي تعد أحد الإشكاليات التي تواجه الخطاب الديني المعاصر. وأكبر دليل على مشكلة التخلف الحضاري عند المسلمين، حينما تم تصنيف أفضل 500 جامعة عالمية في نهاية عام 2005م لم يكن من بينها جامعة عربية أو إسلامية واحدة. بالإضافة إلى هذا أن ميزانية البحث العلمي في دولة الكيان الصهيوني تفوق ميزانية البحث العلمي في الدول العربية جميعها. • ورغم هذا ظل موضوع التخلف العلمي بين الشرق والغرب قائما، ووجدت حالة من الاستقطاب الفكري بين كثير من رجال الفكر والثقافة، الذين تلقوا تعليمهم في الغرب ورأوا في نهضة أوربا النموذج والقدوة، وهو ما يجب أن يطبق في بلادنا. وهذا ما عرف بتيار التغريب، في مقابل أنصار المشروع الإسلامي، الذين رأوا ضرورة الاستفادة من المنجزات العلمية الغربية، مع الاحتفاظ بالهوية الثقافية لمجتمعنا كمجتمع إسلامي. • ونتيجة للصراع الفكري بين أنصار المشروعين وعدم وضوح رؤية متكاملة يتبناها المجتمع الإسلامي، ونتيجة لغياب الحرية السياسية والاجتماعية والفكرية، تبددت جهود الأمة في الصراع الداخلي، فحل الاستبداد الداخلي محل الاستعمار الخارجي، ونتيجة للفشل في تحقيق مشروع نهضة حقيقية، وإجهاض جميع محاولات الانفلات من جحيم التخلف الحضاري، ورغم المحاولات المتعددة والمكررة، والتي يعود فشلها في الأعم الأغلب أنها مشروعات فردية

  26. مشكلة الغلو والتطرف • من المشكلات المزمنة التي تواجه الخطاب الديني المعاصر، قضية الغلو والتطرف، التي استشرت وتفاقمت في معظم بلاد العالم العربي والإسلامي، والتي كانت نتيجة لعوامل اجتماعية وسياسية وثقافية لا يمكن تجاهلها أو القفز عليها في رصد أسباب الظاهرة ومحاولة علاجها. • والغلو ظاهرة عالمية، تم رصدها في مختلف الأديان والثقافات، تحت عنوان الأصولية(Fundamentalism) . • ورغم ذلك تم تسليط الضوء على الظاهرة باعتبارها نتاجا إسلاميا محضا، وشاركت بعض التيارات العربية من العلمانيين والأيديولجيين في تضخيم الظاهرة بدافع العداء لكل ما هو إسلامي. • وحقيقة الأمر فإن لظاهرة الغلو والتطرف جذورا تاريخية عميقة في المجتمع الإسلامي.

  27. الغلو رد فعل للتغريب • ومع ظهور تيار التغريب في العصر الحديث، في المجتمع الإسلامي، نشأت كنوع من رد الفعل، تيار جديد ميز نفسه بالجماعات الإسلامية، ومع تشعب هذه الجماعات، ونتيجة لغياب دور الأزهر المؤثر والمؤسسات الدينية الفاعلة في المجتمع، ونتيجة للفشل في تحقيق النهضة والعدالة الاجتماعية، وللاستبداد في المجتمعات العربية والإسلامية، برزت من جديد نزعة التكفير ومخاصمة المجتمع والدعوة للعودة للمجتمع الإسلامي في صورته النقية عصر الرسول والخلافة الراشدة. • والجدير بالملاحظة، كان كثير من رجال هذه الجماعات من غير المختصين، بالفكر الإسلامي ولا بقضايا الفقه والعقيدة، ونتيجة لعدم الفهم الحقيقي والمتكامل الإسلام، تسارعت وتيرة الفتاوى المكفرة للمجتمع، والمطالبة باغتصاب أمواله وقتل الموافقين على العيش في ظل هذه الأنظمة الكافرة الرافضة لشرع الله، والتي تعيش في ظل القانون الوضعي الغربي. • وقد استشرت الظاهرة في العالم العربي والإسلامي، نتيجة لعوامل سياسية واجتماعية وفكرية، رصدها المحللون كل في مجاله وتخصصه. وكان من نتيجة تفاقم هذه الظاهرة، تشتيت جهد الأمة وتبديد طاقاتها، في مواجهات داخلية كانت في غنى عنها فتعمقت الأزمة واستشرت واستحكمت

  28. صورتنا في مرآة الآخر • يواجه الخطاب الديني المعاصر مأزقا حقيقا في التعامل مع الغرب عموما، من حيث طبيعة هذا الخطاب، وكيفية إيجاد خطاب إسلامي واضح ومميز يجيد التعامل مع العقلية الغربية، بعيدا عن أسلوب الوعظ المباشر والنمطية السائدة في عالمنا العربي والإسلامي. فالغرب يحتاج لعقلية عاشت وفهمت الثقافة الغربية، وتعرف كيف تخاطب المثقف الغربي بلغته بعيدا عن أسلوب الخطابة والوعظ المباشر. الغرب يحتاج للغة العقل والبرهان، وبناء على هذا يحتاج لعقلية أمثال على عزت بوجوفيتش ومردا هوفمان، وليس لمن يحدثهم عن البدعة ودار الكفر ودار الإيمان. • لابد أن يركز الخطاب الديني المعاصر على لغة التواصل والحوار، ومحاولة فتح نوافذ في الجدار الصلد للميديا ودوائر صنع القرار في الغرب، الذي تتغلغل فيها رؤية نمطية مشوهة ومعيبة عن الإسلام تمتاح من تاريخ طويل من العداء الغربي للإسلام تعود للقرن الثامن الميلادي منذ أعلنت الكنائس المسيحية أن الإسلام هرطقة انشقاقية، وبحلول عام 778 كان العداء اللاهوتي في الغرب ضد الإسلام أخذا في الانتشار مع بدايات ظهور مفهوم الكنيسة باعتبارها جيشا يعسكر على أرض العالم المسيحي. • وفي مقابل هذه الصورة النمطية المشوهة عن الإسلام عمدا، تم تجاهل موقف المسلمين الحضاري مع الأقليات من أهل الكتاب من المسيحيين واليهود الذين عاشوا كجزء من نسيج المجتمع الإسلامي، يتمتعون بكافة حقوقهم، وهذا ما أكد عليه تشيلدز، حينما أكد على أن فزع الغرب من الإسلام في غير محله، فقد عقد مقارنة بين موقف المسلمين أثناء الفتوحات الإسلامية في أوربا، وبين موقف الغرب حينما دخلوا القدس وأعملوا سيوفهم في المسلمين واليهود

  29. الإسلام كعدو • إن اختبار الإسلام كعدو للأيديولوجية الغربية في أحدث صورها وهي الإمبراطورية الأمريكية المؤدلجة على يد مجموعة من صناع القرار من أنصار اليمين المتطرف أيديولوجيا وفكريا ودينيا، والذي يضم في معطفه كافة ألوان الطيف المعادي للإسلام من أنصار الكنيسة الإنجيلية واللوبي الصهيوني ولوبي شركات المال والسلاح والنفط يسيطرون على صنع القرار في الكونجرس، كما أنهم وثيقي الصلة بصنع القرار في البيت الأبيض والبنتاجون. هؤلاء جميعا وجهوا منذ أوائل التسعينيات مراكز البحوث لدراسة الإسلام كعدو – جديد – محتمل يحل محل العدو القديم الذي سقط الاتحاد السوفيتي، وعلى هذا تم تصوير الإسلام كعدو أخضر بديلا للعدو الأحمر. • جملة القول، إن "نظرة على الإسلام" كان العنوان الرئيسي الذي احتل لفترة غير قصيرة ماضية – وربما مثلها قادمة – أولوية جدول الأعمال لكثير من الدوائر السياسية والحلقات البحثية والمؤسسات الإعلامية في الغرب. ولم يكن الهدف من وراء هذه النظرة التعرف على الإسلام كدين وعقيدة، بقدر ما كانت تقويم حركة الإحياء الإسلامي التي اجتاحت كثيرا من بقاع العالم الإسلامي في العقدين الماضيين، بعدما ظلت عقودا تحتدم تحت السطح، ولم يكن التقويم مقصودا لذاته، وإنما بغرض اختبار صلاحيته في أن يكون عدوا جديدا يحل محل العدو الذي سقط، وفي أن يكون آخر يمكن به تعريف الذات، بعد أن ذهب الآخر الذي ظلت الذات به معرفة لسبعة عقود متواصلة أي الاتحاد السوفيتي.

  30. الصهيونية وإزكاء روح العداء • وفي هذا السياق لا يمكن إغفال أعمال برنارد لويس ومدرسته التي تزكي روح العداء للإسلام، وترسم الإسلام كعدو يسعى لفرض سيطرته على الغرب، ومد نفوذه في داخل أوربا، وهو ما تجلى في عمل العديد من أعماله مثل الإسلام والغرب، والاكتشاف الإسلامي لأوربا، كما أنه هو الذي زكى مقولة صراع الثقافات، ويعد الأب الروحي لأمثال صموائيل هينتجتون صاحب كتاب صراع الحضارات. والذي تنبأ فيه منذ أوائل التسعينيات حينما نشر كبحث لأول مرة في مجلة فورن إفرز عام 1993م قبل أن يطوره لكتاب بنفس العنوان عام 1996م بأن الصراع بين الأمم هو صراع حضارات، والمرحلة المقبلة ستكون حلقة جديدة من الصراع الحضاري، ويرشح الحضارة الإسلامية كمركز للصراع مع الغرب. • وذلك على اعتبار أن الوعي بالانتماء الحضاري يبدو أوضح ما يكون الآن في البلدان الإسلامية والتي تتمسك شعوبها بثقافتها الموروثة. فهناك موقف سياسي واقتصادي وفكري غربي يروج لمقولة ضرورة التصدي لما تعتبره الخطر الزاحف من الشرق في اتجاه الغرب والشمال، وهذا الموقف العدائي في حقيقته امتداد لموقف غربي ممتد عبر أكثر من ألف عام تم تصوير الإسلام فيه بصور مشوهة كعدو يمثل تهديدا حقيقيا للغرب وللإنسانية. فيما عرف بظاهرة الإسلام فوبيا ورهاب الإسلام وأخيرا الفاشية الإسلامية.

  31. صراع الحضارات • وعلى الرغم من تعدد الأصوليات الناشئة عن ذلك الإحياء الديني العام، وازدياد وعي الشعوب بانتماءاتها الحضارية، فقد تم تسليط الضوء على الأصولية الإسلامية كظاهرة بشكل خاص لدى المفكرين الغربيين لتحقيق الهدف من تصوير الإسلام، كمصدر للتهديد لتدعيم مقولة أن الإسلام هو العدو البديل الذي يهدد الغرب، وتأكيد على الصراع عبر الخط الفاصل بين الحضارتين الإسلامية والغربية على مدى 1400عام. • وإذا كانت الأصولية تعني العودة للأصول، فإنها اكتسبت في الفترة الأخيرة معنى مغايرا تماما لحقيقتها.. فبات يقصد منها في اللغة الفرنسية، وحتى في اللغة العربية معنى التطرف أو الانغلاق. فالأصولي هو كل من يرفض التطور والانسجام مع المدنية الحديثة مفضلا الرجوع إلى التراث مكتفيا به عازلا نفسه عن العالم حال صاحبنا بن طفيل في جزيرته المعروفة. • وقد لعب الإعلام الغربي دورا بارزا في تشكيل رؤية غربية للإسلام السياسي، ونفخ كثيرون من القائمين عليه في النيران حتى تكون بالفعل رأي عام، بات يعتقد بأن الإسلام هو هاجس العصر، ومصدر الخطر والتهديد القادم. • والإمبراطورية الأمريكية حاملة لواء العداء للإسلام، تحت ستار الحرب على الإرهاب، وزعيمة المعسكر الغربي وممثلته بسياستها الفاسدة، صنعت أعدائها في العالم الإسلامي، بدعمها المستمر للنظم القمعية وتحالفها الدائم واللامحدود مع إسرائيل، مما وسع من دائرة السخط والعداء لها في العالم الإسلامي

  32. عداء الإسلام للديمقراطية • وتردد خلف برنارد لويس - من مقال له في اتلانتك مانثليأن طبيعة الإسلام وتاريخه، والعلاقة بين الإسلام والسلطة الزمنية، لا تجعل الديمقراطية والإسلام رفيقين طبيعيين، ويفسر ذلك بقوله: بأن الإسلام اتسم خلال التاريخ بالافتقار لأي اعتراف قانوني بالشخص الاعتباري، أو الشخص القانوني، وهو جوهر المؤسسات النيابية المجسدة في القانون الروماني. • ويصف لويس الدولة الإسلامية، بأنها دولة ثيوقراطية، ليس بالمعنى الغربي لدولة تحكمها الكنيسة والكهنة، حيث لا يوجد أي منهما في العالم الإسلامي، ولكن بالمعنى الحرفي لدولة يحكمها الله، ومن ثم فإن المسلمين الأتقياء يؤمنون بأن السلطة التشريعية تأتي من الله وحده. وحيث إن الحاكم يستمد سلطته من الله والقانون المقدس، وليس من الشعب، فإن تحدي سلطته مماثل لتحدي سلطة الإله. • وربما لهذا التعارض بين الإسلام وقيم الديمقراطية والليبرالية الغربية، فإن أمريكا رغم اعترافها بالاسلام كدين عظيم، أنتج حضارة ملهمة تعلم منها الغرب الكثير، لكن قيام دولة إسلامية في القرن الحادي والعشرين في الشرق الأوسط في الدول غير المتجانسة إثنيا وقبليا ودينيا، وعلى النحو الذي يتبناه دعاتها، أمر لا يتفق ببساطة مع القيم والحقائق التي يؤمن الأمريكيون، ومعظم الغربيين حاليا بأنها بديهية بذاتها.

  33. التجـديـد والآخــر • يحتل الآخر مكانا مركزيا في الخطاب الإسلامي، منذ نشأته، وحتى وقتنا الحاضر. لكن هذا الآخر اختلفت صورته وحضوره من عصر لآخر حسب طبيعة الزمان وظروف المكان. فالآخر تجلى في الأصول الإسلامية من خلال القرأن والسنة، باعتباره مخالفا يجب التعامل معه وفق منهج محدد باعتباره إنسان، فقد أمر القرآن الكريم أن يقوم هذا الحوار على أساس الحسنى. • وعبر التاريخ كان الآخر موجودا بصورة أو بأخرى في المجتمع الإسلامي، كجزء من مكوناته ممثلا في أهل الكتاب الذين عاشوا في المجتمع الإسلامي، أو كان وجوده كعدو وخطر خارجي يتربص بالأمة الدوائر كما تمثل ذلك في الحروب الصليبية وحروب التتار والاستعمار الغربي الحديث، بمعنى آخر كان الآخر حاضرا بصورة مستمرة في التاريخ الإسلامي وفي الواقع العملي للمجتمع المسلم. • لكن صورة الآخر اختلفت بشكل جذري في خطاب التجديد في العصر الحديث، نتيجة لعوامل جوهرية لا يمكن تجاهلها، فأصبح هذا الآخر هو النموذج الذي يجب علينا أن نحذو حذوه ثقافيا واجتماعيا وسياسيا واقتصاديا وعلميا، ودون مبالغة كان للآخر دور غير منكور في تشكيل العقل المسلم في العصر الحديث، كما كان له دور بارز في تشكيل خطاب التجديد الديني في العصر الحديث، سواء بصورة مباشرة أو بصورة غير مباشرة.

  34. حاجتنا إلى الآخر • فلا يمكن لباحث منصف متابع للخطاب الديني في العصر الحديث منذ رفاعة الطهطاوي، وربما قبله إنكار الحضور القوي للآخر الغربي في خطاب التجديد الفكري والديني، وربما يعود ذلك لصدمة اللقاء الذي تم بين العالم العربي والإسلامي، في بداية القرن التاسع عشر، وبين أوربا وهي في أوج توهجها وقوتها السياسية والفكرية ممثلة في حملة بونابرت على مصر التي فجأة المجتمع العربي والإسلامي آنذاك وهو يعيش في القرون الوسطى بكل تجلياتها الفكرية والسياسية والاجتماعية. • وربما هذا ما دفع الشيخ حسن العطار إلى أن يعبر عن ذلك بعبارة دالة في مضمونها وهو يوصي تلميذه رفاعة الطهطاوي عشية سفره لباريس إماما للبعثة بضرورة الوقوف على سر تقدم المجتمع الغربي للإفادة منه في تطوير مجتمعنا بقوله: "إن بلادنا لابد أن تتغير أحوالها، ويتجدد بها من العلوم والمعارف ما ليس فيها • وبناء عليه كان الحضور الواعي للغرب في خطاب التجديد حضورا قويا وفعالا منذ ذلك الحين، واستمر حتى وقتنا هذا بصور مختلفة، وذلك أن الشعور بالضعف تجاه الغرب كان كامنا بصفة دائمة في عقل المفكر المسلم وهو يدشن خطاب التجديد، يسير على هداه، ويستلهم مصطلحاته، ويشخص ببصره نحوه وهو يعالج قضايا واقعية في المجتمع العربي والإسلامي.

  35. تيارات التجديد • ويعد التجديد في الفكر الإسلامي هاجسا يؤرق العديد من الباحثين، الذين عكفوا على موضوع دراسة هذا الفكر، منذ نشأته ورصد جهود المفكرين الذين اهتموا بتجديده، خصوصا في العصر الحديث والمعاصر، والذي يربطها بعض الباحثين بحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب بالجزيرة العربية، والتي كانت ثورة على تكريس العادات والتقاليد وروح الجاهلية، التي أطلت بوجهها من جديد في مجتمع الجزيرة العربية • وبناء عليه يرى هذا الفريق من الباحثين، أن قضية التجديد في الفكر الإسلامي دفعت إليه عوامل داخلية محضة من داخل البيئة والمجتمع الإسلامي، وهو أمر ركز عليه أديب العربية الكبير أبو فهر محمود محمد شاكر، في رسالته عميقة المعاني والدلالات رسالة في الطريق إلى ثقافتنا، والتي حملت رؤية مغايرة لكثير من المألوف والمعتاد والمكرور في حياتنا الفكرية • وهذه الرؤية تتناقض مع رأي من يرى أن نهضة الأمة تعود للحملة الفرنسية على مصر التي هزت المجتمع العربي النائم والذي كان يحتاج لهزة قوية ليفوق من ثباته العميق وحاول فريق آخر الربط بين الأمرين معا فذهب إلى أن العاملين الداخلي والخارجي اجتمعا لتحريك المخلصين من أبناء الأمة للوقوف على عوامل الضعف وحث الأمة على النهوض من جديد

  36. السلفية بين التقليد والتجديد • لقد دخلت أمتنا العربية والإسلامية في دور من الجمود والتقليد، استمر فترة طويلة استغرقت تقريبا ثلاثة قرون أو يزيد، مال فيها العلماء إلى التكرار والتقليد والنقل عن أعلام المذهب ورجاله، فظهرت الشروح والحواشي والتعليقات، وقل التجديد والابتكار وشاعت المقولات التي تدعو للتواكل والاكتفاء بما قال السابقون، مثل مقولة أن باب الاجتهاد قد أغلق، ومقولة أن السابق لم يترك للاحق شيئا، • وقد بدأت حركة التجديد في الخطاب الديني نتيجة لإحساس داخلي حرك بعض نبهاء هذه الأمة، لمصير غامض يتهددها، فسعى لتجديد الخطاب الديني ورد الناس لأصول الإسلام ردا جميلا، وعادة ما يشير الباحثون لحركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب في الجزيرة العربية قبل نهاية القرن الثاني عشر الهجري، لكن في واقع الأمر فقد تزامنت مع حركة بن عبد الوهاب، وربما سبقتها كثير من الحركات الإسلامية، التي سعت إلى بعث وإحياء الخطاب الديني، ليزاول نشاطه من جديد في حياة الأمة الإسلامية • وربما تعود شهرة حركة الشيخ محمد بن عبد الوهاب كأول حركة تجديدية في الخطاب الديني الحديث، إلى أنها لاقت نجاحا شديدا حينما وجدت النفوذ السياسي والسلطان القوي الذي يحمي أفكارها ويدافع عنها، في مقاومة البدع والخرافات التي لحقت بالعقيدة الإسلامية آنذاك، حتى قيل أنه وجد من عبد الحجر أو الشجر في تلك البيئة.

  37. أصول الحركة السلفية • وقد قامت تلك الحركة مستندة على منهج السلف، الذي يعتمد أساسا على النص، ويرفض التأويل العقلي للنصوص، ويسير في ذلك على منهج علماء الحديث في الأساس، وخصوصا الإمام أحمد بن حنبل، وشيخ الإسلام بن تيمية، رافضا ما عداه من المناهج العقلية والذوقية مخطئا جميع الفرق بلهجة شديدة، تركت آثارها واضحة على الحركة السلفية بأثرها، فورثوا عنه شدة في مهاجمة الخصوم وتبديعهم وتفسيقهم والوقوع فيهم. • وقد سعت حركة الشيخ بن عبد الوهاب إلى إحياء الفكر الحنبلي من جديد، كما كان له الفضل في إعادة اكتشاف فكر بن تيمية ونشره على نطاق واسع والدوران حوله وفي فلكه، لدرجة أنه حسب الإحصاءات التي صدرت عن الملكة العربية السعودية، فإن أكثر من 75% من شهادات الدكتوراه في السعودية في مجال الخطاب الديني، وليس من قبل المبالغة في شيء إذا قلنا أن معظمها كان يدور مع ابن تيمية، ووصل الأمر ببعض هؤلاء أن أضفوا نوعا من القداسة على شيوخهم، ونسوا أن كل إنسان يؤخذ من قوله ويرد، إلا الأنبياء باعتبارهم معصومين من قبل الله، وأنهم يوحى إليهم من قبل السماء. • وقد جرت العادة على إطلاق لفظ السلف من قبل كثير من الباحثين على مدرسة التجديد في الخطاب الديني، التي تلتزم بأصول المذهب الحنبلي وخصوصا حركة الشيخ بن عبد الوهاب، والحركات التي تأثرت بها، حتى صار لقب السلفية لصيقا بهذه الحركات دون غيرها من المذاهب والمدارس الإسلامية. ومهما قيل من تبريرات وسيقت من أدلة لتبرير ذلك، فإننا لا نوافقهم على هذا التحديد الذي يعني فيما يعنيه، تميز هذا المذهب وتفضيله على سائر المذاهب

  38. مصطلح السلف • فالسلف بصفة عامة لفظ يقصد به من مضوا من الأجيال السابقة من أبناء هذه الأمة عبر عصورها المختلفة دون تمايز بينهم ولا تفضيل كما أنه منذ العصر الأول للإسلام وحتى في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم وجد من يميل إلى النزعة العقلية كما كان يوجد من يميل اتجاه ذوقي روحي ومن كان يميل إلى الإتباع والتقليد والتمسك الحرفي بالنص لأن الله عز وجل قد خلق البشر متمايزين بعضهم عن بعض لكل فرد منهم منهجه في فهم النص واتجاهه النفسي أو العقلي الذي يختلف عن الآخرين حكمة من الله وكل ميسر لما خلق له. • وإذا كان بعض الباحثين في العصر الحاضر قد خص هذا المصطلح أو اللفظ – السلف- بطائفة معينة لهدف ما يعلمه الله، فإن فريقا آخر وخاصة من العلمانيين والماركسيين قد استخدمه بمعنى الذم والانتقاص، فكثيرا ما نقرأ عبارات حركات سلفية أو فكر سلفي، ويقصد به أنه فكر رجعي أو متخلف أو جامد في مقابل أنصار الفكر العصري التقدمي الحر. وكثيرا ما يصرح بعضهم بذلك فيذكر انه فكر سلفي جامد ومتخلف، دون تمييز بين مدرسة أو أخرى من مدارس الفكر الإسلامي. • وهذا الانتقاص والنظرة الدونية لهذا المصطلح، تعود إلى أن هذه الطائفة، نقلت هذا الاستخدام دون وعي حقيقي بمضمونه عن الغرب الذين يستخدمون هذا المصطلح فعلا بمعنى الفكر القديم وخاصة في عصور الظلام .

  39. محمد عبده ونموذج التجديد الاجتماعى • لقد شعر العديد من المخلصين من أبناء هذه الأمة، بمدى أزمة الخطاب الديني وحاجته إلى التغيير، وحاجة الأمة إلى الإصلاح، وواقع الأمر أن موضوع النهضة والتغيير في العالم العربي والإسلامي اتسع لكل أنواع التجارب، فمنها من ربط بين الإصلاح والعودة للقديم، أو من ربط الإصلاح بالتجديد أو بإحياء الحماس الديني بين الجماهير، أو بضرورة مجاراة الحضارة الأوربية. • وفي واقع الأمر فإن هؤلاء الرواد جميعا يشتركون رغم اختلاف مشاربهم الفكرية، في الدعوة إلى ضرورة تجديد الفكر الإسلامي بالعودة إلى منابعه الأولى، ممثلة في المصادر الأساسية للتشريع القرآن والسنة، كثوابت لابد من الارتكاز عليها والانطلاق من خلالها، والاجتهاد في ضوئها من أجل إصلاح واقع الأمة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. • ويعد هذا الأساس العقلي لدى زعماء الإصلاح في الفكر الإسلامي الحديث، أمرا طبيعيا وذلك لأن الإسلام دين عقلي، فهو يدعو للعلم والتفكر والنظر والتدبر، فالقرآن الكريم في المقام الأول خطاب عقلاني مع الذات الإنسانية، ومع أشرف ما في الإنسان وهو العقل، فالخطاب القرآني خطاب عقلاني والجدلية المركزية في هذا الخطاب هي جدلية بين المعقول واللامعقول.

  40. مكانة العقل عند محمد عبده • وقد بلغت النزعة العقلية في خطاب النهضة ذروتها عند الإمام محمد عبده في دعوته الجريئة إلى جعل العقل معيار في الشئون الدينية، وذلك عند حديثه عن الأصول التي ينبني عليه الإسلام، فيجعل من العقل وسيلة لتحصيل الإيمان الصحيح، ويقدم العقل على ظاهر الشرع عند التعارض، وفي ضوء هذه الدعوة يجاهر بأن الإسلام لا يعوق التقدم ولا يتنافى مع العلم ولا يتعارض مع المدنية. • وقد كانت فتاويه شواهد على رد المعايير إلى منطق العقل، خصوصا في القضايا الحديثة التي لم يعهدها الفكر الإسلامي من قبل، وهذه الأسس العقلية التي دعا إليها محمد عبده والتي ظهرت من بعده قوية، بفضل تأثيره في الحياة الاجتماعية والفكرية في المجتمع المصري الحديث، تنبع من نفس التوجه الذي سارت فيه المدارس العقلية في تراثنا، كالمعتزلة وغيرهم الذين عولوا كثيرا على العقل، وقدموه على النص عند التعارض، وأولوا النص الديني ليتفق مع العقل. • لقد كان محمد عبده بحق رائدا في تجديد الخطاب الديني، على هدي وضوء المنهج العقلي الذي اتخذه إماما ومرشدا في منهجه لتجديد وإصلاح الفكر الإسلامي والمجتمع المصري، ولهذا كان من أنصار الاجتهاد وعدوا للتقليد، وقد اتخذ من العقل هاديا في تأويل المتشابهة من آيات القرآن الكريم، وفي بحث القضايا الدينية وفي معالجة القضايا السياسية والمشكلات الاجتماعية، التي تستجد في حياة الناس

  41. قضية الحرية في الفكر الإسلامي الحديث • فمنذ رفاعة الطهطاوي حدث تطور ملموس في تناول قضية الحرية في فكرنا الحديث والمعاصر، تطور نابع من تجربة الرجل التي تعد فاصلة بين مرحلتين في تاريخنا، تجربة تفصل - وكأنها جدار عازل - ما بين العصور الوسطى والعصر الحديث. • شخصيات ساهمت في تطوير قضية الحرية :شخصيتين ساهم كل منهما في بلورة وتطوير تلك القضية في فكرنا الحديث والمعاصر: • أولهما: رائد الفكر الحديث في مصر والعالم العربي الشيخ رفاعة الطهطاوي. • والثاني: الشيخ عبد المتعال الصعيدي الذي أولى عناية خاصة لقضية الحرية الفكرية والدينية. • دراسة قضية الحرية من خلال :المحور الأول: تناول قضية الحرية من خلال مجموعة أعلام في فكرنا الإسلامي والحديث ساهموا في تطور مدلول الحرية وتثبيت معناها وتكريس دعائمها في المجتمع. وهذا ما عالجناه من خلال مدخل تناولنا فيه تاريخ قضية الحرية في مصر الحديثة والمعاصرة، من خلال مجموعة من الأعلام الفكر. • المحور الثاني: من خلال تحليل قضية الحرية وتطور مدلولها في فكرنا الحديث والمعاصر. من خلال التعامل بواقعية مع قضايا العصر مثل قضية الحرية الدينية والفكرية، وقضية حرية المرأة، والحرية السياسية، وغيرها من القضايا التي سوف نتناولها في مظنها من البحث

  42. الحرية والوعي بالذات • الحرية هي لحظة وعي بالذات ينتج عنها تغيير حقيقي في حياة الإنسان فردا كان أو مجتمعا وقد تحققت في فكرنا الحديث مرتين:- • الأولى: على يد محمد علي والي مصر الذي استطاع نتيجة إيمانه بالحرية كإرادة واختيار • والثانية: على يد محمد عبده الذي آمن بحرية الإنسان في العدل والمساواة، وفي الحقوق والواجبات، وأولى هذه الحقوق حق المعرفة للخروج من حالة التخلف الحضاري، وامتلاك أدوات العلم والمعرفة، باعتبارها شروطا أولية للحرية لا تتحقق إلا بها.

  43. الشيخ رفاعة الطهطاوي إمام البعثة:وكان الشيخ رفاعة هو العقل الواعي، لتجربة محمد علي في التحديث الفكري والاجتماعي، واضطلع بدور رائد التحديث العربي دون منازع. أثمرت جهود الشيخ رفاعة في المجتمع المصري في مجال التنمية الفكرية والاجتماعية آثارا عظيمة، فدعا إلى تعليم البنات وكان عضوا في لجنة أنشأ المدارس لنشر نور العلم والمدنية، كأهم شروط الحرية، ودعا إلى ما يمكن أن نسميه حوار الحضارات، وضرورة النظر للآخر من منطلق جديد، بنظرة تقوم على معيار التقدم والتمدن، بدلا من منطلق الإيمان والكفر.

  44. رؤية الشيخ الصعيدي عن الحرية الفكرية والدينية • ذهب إلى أن الإسلام جاء ليؤكد على الحرية، التي حولها بعض الحكام لاستبداد، وذهب علماء السوء لتبرير هذا الاستبداد، الذي يتناقض صراحة مع جوهر الإسلام، الذي جاء لتحرير الإنسان من القيود التي تعوق مسيرته وحريته، كمخلوق حر له حريته الكاملة في التعبير عن رأيه وفكره، وفي حريته في اختيار دينه، كما له حريته في اختيار حاكمه، وفي نقده ومعارضته متى ثبت له خطأ الحاكم أو من يمثله، دون قيد أو شرط يهدد حياة الإنسان.

  45. قضية الحرية عند الطهطاوى • إن بلادنا لابد أن تتغير أحوالها، ويتجدد بها من العلوم والمعارف ما ليس فيها. • أخذ يدعو قومه إلى الانفتاح على المجتمعات ويسفه من دعاة العزلة. ويرى أن هذه المخالطة بين المصريين وغيرهم من أهل الحضارة الغربية، من أهم إنجازات محمد علي، لأنها الداء الشافي والعلاج المعافي للداء الذي عانى منه العرب لعدة قرون. • فالحرية عند الطهطاوي، لازمة أساسية لبناء مجتمع حديث، وذلك على اعتبار أن التمدن حسب تعبيره يبنى على ركيزتين أساسيتين هما: العدل والحرية.

  46. دور الدين في تمدن وعمران مصر • ويلعب الدين دورا أساسيا، كأحد أسباب التمدن والعمران في مصر منذ قديم الزمان. فالمصريون حاذوا أسباب التقدم عن طريق: تهذيب الأخلاق بالآداب الدينية والفضائل الإنسانية، وأهميتها في حفظ السلوك الإنساني من الرذائل والموبقات. • فالدين الصحيح هو الذي عليه مدار العمل في التعديل والتجريح، فحقيق على العاقل أن يتمسك به، ويحافظ عليه متعبدا، فأدب الشريعة ما أدى الغرض، وأدب السياسة ما عمر الأرض، وكلاهما يرجع إلى العدل الذي به سلامة السلطان، وعمارة البلدان، لأن من ترك الغرض فقد ظلم نفسه، ومن خرب الأرض فقد ظلم غيره، وأظلم بالإساءة أمسه.

  47. التمدن المعنوى :وهو التمدن في الأخلاق والعادات والآداب، وهو التمدن في الدين والشريعة، وبهذا القسم قوام الأمة المتمدنة التي تسمى باسم دينها وجنسها كالأمة العربية الإسلامية، وذلك لتميزها عن غيرها التمدن المادى :وهو التقدم في ما يحتاجه المجتمع في سائر شئون الفنون مما يسميه (المنافع العمومية) كالزراعة والتجارة والصناعة، وهي تختلف من بلد إلى آخر قوة وضعفا، طبقا للممارسة وهو أمر لا غنى عنه في عملية التقدم والتمدن. التمدن نوعين

  48. نقد الطهطاوى للفرنسيين • "وقد أسلفنا أن الفرنساوية من الفرق التي تعتبر التحسين والتقبيح العقليين، وأقول هنا: أنهم ينكرون خوارق العادات، ويعتقدون أنه لا يمكن تخلف الأمور الطبيعية أصلا، وأن الأديان إنما جاءت لتدل الإنسان على فعل الخير واجتناب ضده. وأن عمارة البلاد وتطرق الناس وتقدمهم في الآداب والظرافية تسد مسد الأديان، وأن الممالك العامرة تصنع فيها الأمور السياسية كالأمور الشرعية. • ومن عقائدهم القبيحة قولهم: إن عقول حكمائهم وطبائعييهم – يقصد علماء الطبيعة - أعظم من عقول الأنبياء وأزكى منها. ولهم كثير من العقائد الشنيعة، كإنكار بعض القضاء والقدر. • وينتقد تحررهم من الدين فإنهم نصارى بالاسم فقط، فلا يعتنون بما حرمه دينهم أو أوجبه أو نحو ذلك، ويرون أن العبادات التي لا تعرف حكمتها من قبيل البدع والأوهام. وينتقد عدم زواج القساوسة ويعد ذلك نقيصة تزيدهم فسقا • ينتقد ما يسمى بالاعتراف بالذنوب من العامة أمام القساوسة فيغفر له القس ذنوبه.

  49. وعلامات التمدن ودلائل العظمة تقوم على ثلاثة ركائز هى • حسن الإدارة الملكية. (السلطة السياسية) • السياسة العسكرية. (القوة التي تحمي الدول وتحفظ لها سيادتها) • معرفة الألوهية. (الدين الذي ينظم حياة الناس على أسس من العدل والشورى)

More Related