Download
1 / 36
370 likes | 552 Views
التواجد المسيحي على ارض النجف الاشرف.
E N D
من المسلم به في علم الاثار أن ارض وادي الرافدين شهد اولى الاستيطانات البشرية , عند تحول الانسان من حالة الصيد والتنقل الى حالة الزراعة وتدجين الحيوان , والتي ساعدت على ظهور اولى القرى الزراعية , ثم المدن والدول , ونشوء اولى الحضارات الانسانية ... فكانت سومر وأكد وبابل واشور ... استمر هذا الوادي الخصيب في احتضان التطور الحضاري الانساني وحفظ ارثه , فضمت تربته شواخص تحكي عظمة هؤلاء الخالدين وقصة تطور الانسان وحضارته.
ليس بالغريب اليوم ان نسمع اكتشاف اثار في منطقة ارض النجف تعود لحضارة كانت قائمة قبل اكثر من 1500 سنة اي قبل الفتح الاسلامي للمنطقة . حيث اكتشف اكثر من موقع اثري , ليزاح التراب عن بقايا العديد من الاديرة والكنائس والمقابر المسيحية تعود الى حقبة دولة المناذرة اللخمينية وحاضرتها مدينة الحيرة . اعلنت ذالك مديرية اثار النجف التي اكتشفت جزء كبير منها اثناء أعمال انشاء مطار النجف الدولي . ودعت لها العديد من المهتمين بالامر لزيارة هذه المواقع , وكان من بينها واهمها زيارة عدد من رجال الدين المسيحين وعلى راسهم السفير البابوي (سفير الفاديكان) ورئيس ديوان الاوقاف للمسيحين , لقي هذا الوفد كل الحفاوة والتكريم من قبل المسؤلين في النجف وعلى رأسهم السيد السستاني الذي قابلهم في داره المتواضع ورحب بهم , اضافة الى السادة سدنة الحضرة العلوية وصلوا مع اخوتهم المسلين عند ضريح امير المؤمنين الامام علي بن ابي طالب .
وتم الاعلان كذالك عن اكتشاف اكبر مقبرة مسيحية تاريخية في العالم ,تبلغ مساحتها 1416 دونم وذات امتدادات واسعة من محافظة النجف , لتجاور أكبر مقبرة اسلامية في النجف حاليا .. وقبل الخوض في تفاصيل هذه الاكتشافات الاثرية لا بد ان نلقي الضوء على تلك الفترة من تاريخ العراق , حيث ظهور دولة المناذرة , وديانتهم , اللذين عاشوا في هذا الحوض واسسوا دولة دامت حوالي اربعمائة سنة , وانتهت ابان الفتح الاسلامي , في حدود سنة 633 م وبأفول نجم هذه الدولة في العراق بدأت الحقبة الجديدة من الحكم العربي الاسلامي وسيطرتها على مساحة واسعة من العالم المعروف انذاك , والذي امتد في فترات , من حدود الصين شرقا الى بلاد الاسبان غربا . لتنتهي هذه الحقبة بسقوط بغداد على يد المغول بقيادة هولاكو سنة 1258 م . ليبقى العراق تحت نير الحكم الاجني وفترة مضلمة من تأريخه اختفت من على ارضه اي سمة من سمات الحضارة المتمدنة حتى مطلع القرن العشرين بعد الحرب العالمية الاولى وتأسيس الحكم الوطني في الدولة العراقية الحديثة .
دولة المناذرة اللخمينية في التأريخ المناذرة اللخمينين هم سلالة عربية حكمت العراق قبل الاسلام وحتى الفتح الاسلامي , كانت ديانتهم النصرانية في المراحل الاخيرة من حكمهم , بعد تحولهم عن الوثنية بتأثير عدد من الرسل والقديسين المسيحين اللذين جابوا المنطقة مبشرين بديانتهم . كان لتحول دين الدولة رسميا الى النصرانية تأثير كبير على ديانة المنطقة وقبائلها , حيث امتد هذا التأثير ليشمل الجزيرة العربية وما يحيطها قبل الاسلام . اصل اللخمينيون قبائل عربية من بني لخم هاجروا من اليمن على اثر انهيار سد مأرب قبل الميلاد ليستوطنوا ضفاف نهر الفرات . واطلق على دولتهم الدولة اللخمينية اضافة الى تسمية المناذرة نسبة الى اسم ( منذر ) للعديد من اسماء ملوكهم .
حكم في هذه السلالة عشرون ملكا , استمرت مملكتهم من سنة 268 م الى سنة 633 م . عاصمتهم الحيرة ( وهي كلمة ارامية تعني الحصن ) التي تقع بالقرب من مدينة النجف بحوالي 15 كم . تكلموا العربية والارامية الشرقية كلغة طقسية , ومن الحيرة تعلم العرب الكتابة , وينسب المؤرخ البلاذري الكتابة العربية الى الحيرة . حيث تم اشتقاق الخط العربي عن الخط السرياني , وظهر القلم النبطي ومنه تفرع القلم العربي الذي كتب به اهل الحجاز عند ظهور الاسلام , فصار الحرف العربي الرسمي للمسلمين. ومن اشهر مدنهم اضافة الى الحيرة , عاقولا و عين تمر و النجف ( وهي كلمة عربية تعني المرتفع ) والنعمانيةووابلة ( البصرة ) والانبار وهيت وعانة . وجميعها تقع في حوض الفرات الوسط والجنوبي . وتمتاز هذه المنطقة بخصوبة عالية للارض ووفرة في المياه العذبة ونظارة في بساتينها ونقاوة هوائها . كانت هذه الدولة تابعة للامبراطورية الساسانية وعاصمتها قيطيسفون ( المدائن ) . وعندما حاول أحد ملوكها وهو النعمان بن المنذر توحيد القبائل العربية تمهيدا لاستقلالها عن دولة فارس قام كسرى باستدراجه وحبسه وقتله في سجنه .
بعدها تضامنت القبائل العربية وثأرت لقتل مليكها ودخلت حربا ضد الجيش الساساني , انتصرت القبائل العربية في معركة ذي قار الشهيرة سنة 610 م . وصف الرسول العربي محمد ( صلعم )عند وصول أخبار هذا الانتصار الى الجزيرة بقوله ( هذا اليوم انتصف العرب من الفرس ) . كانت ديانة دولة المناذرة وثنية , نفسها التي عرفت في منطقة الجزيرة وحتى في تسمية بعض الالهه , كاللاة والعزة .. الى ان تنصرت الدولة على عهد المنذر بن امرؤ القيس بن ماء السماء سنة 514 م ويقال في رواية اخرى في عهد النعمان بن منذر الاول سنة 405 – 431 م عندما شفاه القديس سمعان ايشو من علة عجز اطباء عصره عن معالجته . وبعد تنصر دولة المناذرة انتشرت الديانة المسيحية في جميع ارجاء وادي الرافدين وصارت مدنها مراكز للاحبار ( الجثليق ) ( الكراسي البابويه ) كمدينة الحيرة وتكريت وحتى في المدائن عاصمة الدولة الساسانية التي كانت تدين بالمجوسية قبل الفتح الاسلامي . تنصرت كثير من القبائل العربية منها قبائل بني تميم وبنو امرؤ القيس وربيعة واياد وتغلبوغسان ولخم وجذام وطي وكلب وقضاعة وتنوخ وبكر .
وقد قال الشاعر العربي طخيم في مدح بني تميم واني وان كانوا نصارى نحبهم ويرتاح قلبي نحوهم ويتوق انتشرت المراكز الدينية من كنائس واديرة وصارت هذه المراكز محطة اشعاع حضاري كالعادة في تلك العصور وظهر العديد من الاسماء اللامعة في مجال الطب والهندسة والعلوم وغيرها .. الى جانب الرهبان والقديسين الذين زاولوا هذه المهن الى جانب التأليف الديني والترجمة والشعر . كالشاعر حنين الحيري صاحب بيت الشعر الشهير في وصفه لنوع من الخبز ( وهو خبز الرقاق ) المستعمل كتسمية الى هذا اليوم في شمال العراق حيث يقول محقبا ركوة وخبز رقاق وبقولا وقطعة من نون والشاعر عدي بن زيد العبادي من شعراء بني تميم وزوج هند الصغرى بنت النعمان التي ترهبت بعد مقتل قرينها من هؤلاء في مجال الطب الطبيب المسيحي أثير بن عمر هاني المسكوني من بلدة عين تمر ( قرب كربلاء الحالية ) الذي استدعي لمعالجة الامام علي بن ابي طالب بعد جرحه في رأسه على اثر اعتداء من قبل عبد الرحمن بن ملجم من الخوارج سنة 661 م , وادى هذا الاعتداء الى استشهاده .
الجدير بالذكر ان جامعة الكوفة – كلية الطب تمنح سنويا جائزة لاحسن طبيب . اسمتها جائزة أثير السكوني للطب . بدأت الجامعة بمنح هذه الجائزة منذعام 1998 م برعوا المناذرة كذالك في العمارة وما زال اسم قصر السدير وقصر الخورنق علم في الابداع الهندسي من ذالك العصر . دخل القائد العربي خالد بن الوليد في عصر الفتوحات الاسلامية مدينة الحيرة سلما , منهيا عصر دولة المناذرة . من بين وجهاء القوم الذين صالحوا خالد بن الوليد على الحيرة هو عبد المسيح بنعمر بن بقيلةوهاني بن قصبة الشيباني اللذان كانا على دين النصرانية . عند دخول الجيوش العربية الاسلامية ارض العراق اسسوا الكوفة كمعسكر لجيوش الفتح الاسلامي ثم صارت عاصمة الخلافة في عهد الامام علي بن ابي طالب رابع الخلفاء الراشدين . قلت بعدها اهمية الحيرة ومن الثابت ان العديد من ابنية الكوفة قد شيدت من احجار ابنية الحيرة , كما حدث لمدينة بابل التي بنيت العديد من ابنيتها بطابوق بابل .
بقية الحيرة كمنتجع يؤمها الكثيرين للتمتع بطيب اجوائها وخصوصا خلفاء بني العباس , ويذكر منهم الخليفة هارون الرشيد الذي كان دائم الزيارة لمنطقة الحيرة وزيارة دير هند الصغرى بنت النعمان , الناسكة المعروفة في اواخر عهد دولة المناذرة . وبعد ذالك هجرت المدينة وقل الاهتمام بها على حساب تصاعد الاهتمام بمدينتي الكوفة والنجف حتى اندثرت تماما ولم يبقى منها اليوم سوى اطلال تنتضر من يزيل الغبار عنها .
ديارات الحيرة في ادبيات الكنيسة اسماء العديد من الديارات التي كانت في تلك الحقبة عامرة بالنشاط الديني التعبدي اضافة الى نشاطات ادبية وعلمية للرهبان كعادتهم غي تلك العصور , منها دير هند الصغرى يقع شمال الحيرة , ينسب هذا الدير الى هند الصغرى بنت النعمان الثالث . كانت من اجمل بناة زمانها ومن ذوات الفصاحة والادب والشعر , وقد تزوجت في الحادية عشر من عمرها من الشاعر عدي بن زيد العبادي وكان وزيرا لدى النعمان , اغتيل زيد فدخلت هند ديرا للراهبات . ويقال ان النعمان والدها بنى هذا الدير لابنته لتتعبد به , وسكنته دهرا طويلا , وكان النعمان يصلي هو به , وقد كان مزار للعديد من الناس بعد انشائه بمئات السنين , ويقال ان الخليفه هارون الرشيد قد زاره عدة مرات اثناء قضاء فترات من الراحة في مدينة الحيرة . وعند الفتح الاسلامي زار هند في ديرها خالد بن الوليد , وقل لها سليني حاجة , فقالت هؤلاء النصارى اللذين في ذمتك تحفظونهم , قال هذا فرض علينا اوصانا به نبينا محمد ( صلعم ) , فقالت عنه البيت صان لي ذمتي وأكرم وجهي انما يكرم الكريم الكريم
ديرهند الكبرى هي ابنة الحارث بن عمر بن حجر الملك الكندي وهي عمة امرؤ القيس الشاعر المشهور يقع بالقرب من مدينة النجف دير الجرعة او دير عبد المسيح بن بقيلة يقع في الشمال الغربي من الكوفة , وعبدالمسيح احد اعيان نصارى الحيرة , وجميع الذين ذكروه يجمعون على التحدث عن شرفه وثباته في النصرانية بعد الاسلام واشتهر بمصالحة خالد بن الوليد قومه على الحيرة . ومات عبد المسيح عن عمر طويل ودفن في ديره . دير الجماجم و دير حنة الكبير وديرحنظلة ودير داديشوع ودير دندا والدير الخصيب ودير زرارة و دير الزرنوق ودير الشاء ودير سلسلة ودير العدل ودير عبديشوع ودير العذارى ودير عقلمة ودير قرة ودير كعب ودير اللج ودير ابا الكبير ودير السالح ودير المعري . وغيرها لا مجال لذكرها جميعها ...
