1 / 22

الأسرة في الجاهلية والإسلام

الأسرة في الجاهلية والإسلام. النكاح في الجاهلية.

kyra-boone
Download Presentation

الأسرة في الجاهلية والإسلام

An Image/Link below is provided (as is) to download presentation Download Policy: Content on the Website is provided to you AS IS for your information and personal use and may not be sold / licensed / shared on other websites without getting consent from its author. Content is provided to you AS IS for your information and personal use only. Download presentation by click this link. While downloading, if for some reason you are not able to download a presentation, the publisher may have deleted the file from their server. During download, if you can't get a presentation, the file might be deleted by the publisher.

E N D

Presentation Transcript


  1. الأسرة في الجاهلية والإسلام

  2. النكاح في الجاهلية • من معاني الأسرة - كما في معاجم اللغة العربية -: الدرع الحصينة، وأقارب الرجل الأدنون، وأهل بيته، الذين يتقوى ويحتمي بهم كما يحتمي المحارب بالدرع، ومن المجاز البليغ - كما قال الزمخشري - قولُهم: شدَّ الله أَسْرَه؛ أي: قوى إحكام خلقته.والأسرة في التاريخ القديم، وعند أكثر الأمم، اعتبروها وحدة اجتماعية، يرأسها الأب، وكان العرب يعتبرون القبيلة هي الوحدةَ السياسية والاجتماعية، كما قال "سمث"، وقال "روبرت لوي": "إنهم كانوا يعتبرون الأسرة هي الوحدةَ الاجتماعية الصغرى، التي نمت بعد ذلك حتى صارت عشيرة أو قبيلة"، وقد ذهب بعض الباحثين إلى أن عرب الجاهلية، لم يعرفوا زواجًا مستمرًّا، ترتبط فيه المرأة برجل معين، وإلى أجل غير مسمى؛ لأنهم كانوا يجرون على نظام النكاح المؤقت، الذي ظل شائعًا بينهم، حتى جاء الإسلام، فأباحه الرسول - عليه الصلاة والسلام - لأصحابه فترة من الزمان، عرف فيها هذا النكاح المؤقت باسم "نكاح المتعة"، كما ذهبوا إلى شيوع الإباحية الجنسية عند العرب قبل الإسلام، وذلك ما سجله المؤرخ "سترابون" في معجمه الجغرافي على العرب في بلاد اليمن، غير أن الباحثين المحققين قديمًا وحديثًا، قد أثبتوا بطلان ما سجله "سترابون" هذا، وأثبتوا أن علاقة الرجل بالمرأة في العصر الجاهلي كانت لها نظم أربعة، أشار إليها الحديث الصحيح، بلسان السيدة عائشة أم المؤمنين، التي قالت - رضي الله عنها -: "إن النكاح في الجاهلية كان على أربعة أنحاء:

  3. النكاح في الجاهلية • أ- فنكاح منها نكاح الناس اليوم. • ب- والنكاح الثاني: كانوا يسمونه نكاح الاستبضاع، وهو أن يقول الرجل لامرأته، إذا طهرتْ من حيضها: أرسلي إلى فلان فاستبضعي منه، ثم يعتزلها زوجها جنسيًّا، حتى يظهر حملها من ذلك الرجل، فإذا ولدت منه، نسب الولد إلى أبيه لا إلى أمه، وهذا النكاح لم يكن شائعًا عند العرب، ولا مقصورًا عليهم، كما سنبين ذلك قريبًا. • ج- والنكاح الثالث: نكاح المشاركة أو الرهط، وهو أن يجتمع رجال دون العشرة، فيدخلوا على المرأة؛ ليصيبها كل منهم، فإذا حملت، اجتمعوا عندها، لتختار منهم مَن تُلحق به ولدها، وهذا النكاح الثالث كان دخيلاً على العرب من الفرس في أثناء حكمهم لليمن، وتسلطهم على الحيرة قريبًا من الكوفة، في عهد الساسانيين. • د- والنكاح الرابع كان نكاح الإماء البغايا، اللائي كن دخيلات على العرب، الذين كانت أغلبيتهم العظمي لا يعترفون إلا بالنكاح الأول المشروع، الذي أقره الإسلام فيما أقرَّ من النظم الجاهلية، التي لم يرَ بها بأسًا في مجموعها، وأدخل عليها ما أدخل من التعديل، والتنظيم، والتهذيب؛ لأنه وحي السماء، الذي لم يُبِح مثلاً - وحاشاه - نكاحَ الاستبضاع، الذي أباحه أفلاطون في "جمهوريته"، كما أباحه ليكورغ مشرع إسبرطة، وأباحته شريعة سولون للمرأة التي يعجِز زوجها عن معاشرتها جنسيًّا، وأقرته شريعة مانو للهنود، وكل هذه الشرائع الوضعية لا قيمة لها، ولا عبرة بها في جنب الإسلام شريعة السماء، وخاتمة الشرائع: • وَلا يَسْتَوِي وَحْيٌ مِنَ اللهِ مُنْزَلٌ        وَقَافِيَةٌ  فِي   الْعَالَمِينَ   شَرُودُ

  4. النكاح في الجاهلية • أما أهم ما أزاله الإسلام من الأنظمة الجاهلية للأسرة، وأهم ما جاء به عوضًا عنها: • فأولاً: أنكر الإسلام على عرب الجاهلية - أول ما أنكر - اعتبارَهم عقدَ الزواج صفقةً تجارية، ومن هنا وصفوا الأنثى عقب مولدها بأنها "النافجة"، قائلين في التهنئة بمولدها: "هنيئًا لك النَّافِجَة"، وذلك ما سارت به أمثالهم العربية، ومعنى النافجة: التي تنفُج مالَك، وتزيده بما تأخذه من مهرها، وهو العوض الذي يدفع لأهلها، وبما تأخذه من صَداق، وهو العوض الذي يدفعه الرجل لها هي، وبفضل الصداق والمهر ينفتج حالُ والد العروس ويتضخم؛ وإنصافًا للحقيقة والتاريخ، نقرر أن بعض سادات العرب وأشرافهم كانوا يأنفون من تضخيم ثرواتهم وأموالهم بمهر أو صداق؛ ومن هنا فخرت إحدى الزوجات العربيات بأن زوجها ووالد بناتها لا يأخذ مهرًا أو صداقًا، مما كانوا يسمونه "حُلْوانًا"، وفي ذلك قالت هذه الزوج الأم الفخور بزوجها المتعفف: • لاَ يَـأْخُـذُ الـحُـلْـوَانَ مِـنْ بَـنَـاتِـيَـاكما قال زوج عربي يفخر بذلك أيضًا:  • وَلَيْسَ تِلاَدِي مِنْ وِرَاثَةِ وَالِدِي        وَلاَ شَادَ مَالِي مُسْتَفَادُ النَّوَافِجِ

  5. النكاح في الجاهلية • وبقدر ما أنكر الإسلام اعتبار عقد الزواج صفقةً تجارية، خلع على هذا العقد من القداسة والتكريم ما لم يخلع على عقد سواه: • أ- فهو آية كونية عالمية، شاملة لبني الإنسان وغيرهم؛ {سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ} [يس: 36].ب- وطرفاه - وهما الذكر والأنثى - جديران بالقَسَم بهما، والتكريم لهما، شأنهما في ذلك شأن الآيات الكونية التي أقسم الله بها قائلاً: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [الليل: 1 - 4].ج- وهو العقدة الوثقى، والميثاق الغليظ، الذي وصف القرآن الكريم به اثنين لا ثالث لهما؛ وهما العهد الرباني الأول، الذي أخذه الله على أنبيائه ورسله، وعقد الزواج، قائلاً: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [الأحزاب: 7]، وقائلاً أيضًا - سبحانه -: {وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآَتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا * وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا} [النساء: 20، 21].

  6. النكاح في الجاهلية • ثانيًا: هذا الميثاق الزوجي الغليظ، أقامه الأدب الإسلامي القرآني، على أمتن الدعائم، وأقوى الأسس الاجتماعية، وهي السكينة والمودة والرحمة؛ مصداقًا لقوله - تعالى -: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21].ثالثًا: في ظلال هذه السكينة والمودة والرحمة المتبادلة بين الزوجين المسلمين المتحابَّين، أقرَّ القرآن الكريم العيونَ، وشرح الصدور، وأنار الأبصار والبصائر، بالدعوات الصالحات، المتوهجات بنور الأمل والرجاء، في الذرية الصالحة، والخلَف - بفتح اللام – الطيب؛ قائلاً: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ} [آل عمران: 38]، {فَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آَلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا} [مريم: 5، 6]، {رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا} [الفرقان: 74].

  7. النكاح في الجاهلية • رابعًا: وقد أنكر الإسلام مغالاتَهم في المهر والصداق، اللذين كانوا يفرِّقون بينهما بأن المهر: هو العوض الذي يدفع لأهل المرأة، والصداق: هو العوض الذي يدفعه الزوج للزوجة نفسها، وما أروعَ ما دعا به النبي الشريف – صلى الله عليه وسلم - الذي يقول: ((اللهم أذهبْ ملك غسان، وضع مهورة كندة))، كانوا يغالون في مهور العرائس، إلى درجة أن العروس الكندية كان مهرها أحيانًا لا يقل عن ألف من الإبل، وتلك هي الروح التجارية المادية، التي أعلن الإسلام الحرب عليها بإنسانيته وسماحته وبساطته؛ حتى يقيم الأسرة على أساس إنساني، لا على أساس تجاري، بمثل قول الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - مثلاً في حديث سهل بن سعد، عندما أراد الزواج: ((اذهب فاطلب ولو خاتمًا من حديد))، قال: "يا رسول الله، ما وجدت شيئًا، ولا خاتمًا من حديد"، فسأله الرسول الإنسان الأعظم: ((هل معك من القرآن شيء؟))، قال: "معي سورة كذا، وسورة كذا"، قال: ((اذهب فقد أنكحتُكها بما معك من القرآن))، ومثل قوله - صلَّى الله عليه وسَلَّم - أيضًا: ((خير النساء أيسرهن))، وكذلك زوَّج الرسول - صلَّى الله عليه وسَلَّم - رجلاً آخر بدون مهر أكثر من أن يعلِّم زوجته أربعَ سور أو خمسًا من كتاب الله - كما روى ابن عباس - أو يعلمها عشرين آية - كما روى أبو هريرة - وبهذه الروح الإسلامية الأصلية تشبع فاروق الإسلام عمر بن الخطاب، في كلمته الصادقة الواقعية الملهَمة: "لا تغالوا في صدقات النساء، فإنه لو كان تقوى لله، أو مكرمة في الدنيا، لكان نبينا - صلَّى الله عليه وسَلَّم - أولانا بذلك، فما أصدق نساءه ولا بناته أكثرَ من اثنتي عشرة أوقية".

  8. النكاح في الجاهلية • ومن شواهد الوسطية الإسلامية في اتزانها واعتدالها: أنها لم ترضَ المغالاة في المهر، وفي الوقت نفسه لم ترضَ الحرمان نهائيًّا من المهر، ومن هنا حرم الإسلام ما كان يعرف في الجاهلية بنكاح الشغار، الذي سمي بهذا الاسم؛ لأنه شاغر وخالٍ من المهر كلية؛ لأنه قائم على اتفاق رجلين على أن يزوِّج كلٌّ منهما الآخر ابنتَه أو أخته، بدون مهر مطلقًا، وحسب الطرفين هذا التبادل بينهما، فإن تم هذا النكاح المحرم - وهو نكاح الشغار - فهنا يوجب الإسلام مهرَ المِثل لكل من هاتين الزوجتين، وإلا فالزواج باطل شرعًا.ومن شواهد الوسطية الإسلامية أيضًا: أن الإسلام لم ينكر على الجاهلية تعدُّدَ الزوجات - من حيث المبدأ - وإنما أنكر عليها الفوضى في تعدد الزوجات، فقد جاء الإسلام فوجد في قبيلة ثقيف وحدها رجالاً لدى كل منهم عشر زوجات؛ كمسعود بن معقب، وعروة بن مسعود، وسفيان بن عبدالله، وأبي عقيل مسعود بن عامر، وغيلان بن سلمة، فلما أسلم غيلان وسفيان وأبو عقيل، نزل كل منهم عن ست زوجات، وأمسك أربعًا؛ ولكثرة الأزواج الذين تزوجوا أكثر من أربع نساء في الجاهلية، ألَّف فيهم أبو الحسن المدائني كتابًا مستقلاًّ، عنوانه: "من جمع أكثر من أربع"، ومن سماحة الفقه الإسلامي ومرونته، التي كان بها صالحًا لكل زمان ومكان: أنه اعتبر تعدُّدَ الزوجات خاضعًا في الحكم الشرعي للظروف والاعتبارات الاجتماعية، التي تحيط بالفرد والأسرة والأمة؛ فهو: إما مباح، وإما مكروه، وإما حرام؛ كما حقق ذلك الفقهاء قديمًا وحديثًا، ولا سيما الشيخ محمد أمين، صاحب الحاشية المشهورة باسم "حاشية ابن عابدين" في فقه الأحناف.ولا شك في أن المنصفين الموضوعيين - حتى من غير المسلمين - يعتبرون تعدد الزوجات، في الإطار الإسلامي المحكم المعتدل العادل - خيرًا من تعدد العشيقات، في النظم الغربية المتحللة، التي ندد بها كثير من الكتَّاب والباحثين الاجتماعيين شرقًا وغربًا، ومنهم - على سبيل التمثيل لا الحصر – "جوستاف لوبون"، الذي وصف نظام العقود الإسلامي بأنه "نظام حسن، ويرفع المستوى الأخلاقي في الأمم التي تدين به، ويزيد الأسر ارتباطًا، ويمنح المرأة احترامًا وسعادة لا تجدهما في أوروبا".

  9. النكاح في الجاهلية • خامسًا: إنكار الإسلام على بعض القبائل العربية، أنها كانت لا تكتفي بحرمان المرأة من الميراث - وإن كانت زوجة وأمًّا - وإنما كانت تعتبرها هي نفسها ميراثًا يورث عن زوجها المتوفى، وكانت لا تتورع عن عَضْلِها والتضييق عليها، بمنعها من الزواج في حياة زوجها أو بعد وفاته، سواء أكان هذا العاضل الظالم زوجًا، هدفه من ظلمه هذا أن يسترجع الصداق الذي دفعه لها، أو كان وارثًا هدفُه من ظلمه هذا أن تتنازل له المسكينة الأرملة، عما ورثتْه من زوجها؛ بدافع الغيرة، أو الأنفة، أو الأَثَرة وحب الذات، وفي تحريم هذا كله حفاظٌ على كيان الأسرة المسلمة؛ يقول القرآن الكريم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آَتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا} [النساء: 19].وفي تفسير هذه الآية الكريمة، قال الطبري: "إن ابن الزوج المتوفى أو قريبه، كان يعضل امرأته، فيمنعها من الزواج من غيره حتى تموت، أو ترد إليه صداقها فداء لها"، وقال الزمخشري: "إن الرجل كان إذا تزوج امرأة ولم توافقه، حبسها مع سوء العشرة والقهر؛ حتى تفتدي منه بمالها وتختلع"؛ وإنصافًا هنا للحقيقة والتاريخ، نذكِّر القراء - والذكرى تنفع المؤمنين - بأن هذه المنكرات التي أنكرها الإسلام على بعض القبائل العربية؛ ليكفل للأسرة استقرارَها العائلي المنشود - لم تكن مقصورة على هؤلاء العرب، فقد كان العبريون يعتبرون المرأة جزءًا من متاع الرجل، تُورَّث كما يورث ما خلفه، وللوارث أن يبيعها، أو يعضلها ويضيق عليها.

  10. النكاح في الجاهلية • سادسًا: حرَص الإسلام أيضًا على الإنكار على كثير من العرب في الجاهلية استخفافَهم برباط الحياة الزوجية الغليظ، وكرامة الزوجة المغلوبة على أمرها، ومن شواهد هذا الاستخفاف أن الرجل منهم - كما قال الفخر الرازي، وابن زيد - كان يطلق امرأته ألفَ مرةٍ أو مائة مرة، ثم يراجعها بعد كل مرة إن أراد، ولا حسيب ولا رقيب، ولا معروف ولا إحسان، وإنما هي المضارة للزوجة المسكينة، والاستخفاف بكرامتها وكرامة الحياة الزوجية، وذلك ما أنكره الإسلام عليهم أيما إنكار؛ يقول الله – تعالى -: {الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} [البقرة: 229].وأباح لها - إذا لم تكن العصمة بيدها - أن تفتدي حريتها، بما تدفعه لزوجها من مال، باسم "الخلع"، ما دام هنالك مبرر معقول، ومسوغ شرعي مقبول؛ كالغَيبة الطويلة، أو العجز الجنسي، أو سوء العشرة الطويلة، أو تعذر التجاوب العاطفي بينها وبين زوجها، أو نحو ذلك مما فصلته كتب الفقه الإسلامي في واقعية وموضوعية،

  11. مظاهر الانهيار الأسري في مجتمعات ما قبل الإسلام • عمَّ الفساد والانهيار حياةَ الممالك التي وُجِدَت قبل الإسلام والتشريع، حتى تحوَّل البشر إلى بهائِمَ من حيثُ الأخلاقُ المنحطَّة، ممَّا جعل مَجيء الرَّسول الإسلامي ضرورةً لإنقاذ البشريَّة.ولم تكُن مظاهر الانْهِيار الحضاري الذي ضرب حضاراتِ ما قبل الإسلام لتقتصِر على جانب دون آخر؛ ومن ثَمَّ فقد شملت جميع الجوانب، وقد أصاب الأسرة منها جانبٌ كبير، ومن هذه المظاهر الخطيرة التي دمَّرت بنيان الأسرة في تلك المجتمعات:

  12. مظاهر الانهيار الأسري في مجتمعات ما قبل الإسلام • 1- ظلم المرأة وإهانتها: • لا شكَّ أنَّ مكانة المرأة في الأسرة مكانةٌ عظيمة، ولكنَّ الجاهليَّات القديمة سلبتْها حقوقها، وأهانتْ كرامتَها التي كرَّمها الله بها؛ فكانت المرأة تُستَخدم في أحطِّ الأعمال – كالدعارة – حتَّى إنه كان هناك أشكالٌ من الدعارة يعدُّونها من الزَّواج؛ فقد قالت السيدة عائشة - رضي الله عنها -: "إنَّ النكاح في الجاهليَّة كان على أربعة أنحاء، فنكاح منها نكاح الناس اليوم، يخطب الرجُل إلى الرجل وليَّته أو بنتَه فيصدقها ثم ينكحها، والنكاح الآخَر كان الرجل يقول لامرأته إذا طهرت من طمثها: أرسلي إلى فلان، فاستبضعي منه، ويعتزلُها زوجُها ولا يمسُّها أبدًا حتَّى يتبيَّن حملُها من ذلك الرجُل الذي تستبضع منه، فإذا تبيَّن حملها أصابَها زوجُها إذا أحبَّ، وإنَّما يفعل ذلك رغبةً في نجابة الولد، فكان هذا النِّكاح نكاح الاستِبْضاع، ونكاح آخر يَجتمع الرَّهْطُ ما دون العشَرة فيدخلون على المرأة، كلُّهم يُصيبُها، فإذا حملت ووضعتْ ومَرَّ عليها ليالٍ بعد أن تضع حملَها أرسلت إليهم، فلم يستطع رجلٌ منهم أن يمتنِع، حتَّى يجتمعوا عندها، تقول لهم: قد عرفتم الذي كان من أمرِكم وقد ولدت فهو ابنك يا فلان، تسمِّي مَن أحبَّت باسمه، فيلحق به ولدُها، ولا يستطيع أن يَمتنع منه الرجل، ونكاح رابع: يَجتمع النَّاس كثيرًا فيدخلون على المرأة لا تَمتنع ممَّن جاءها، وهن البغايا كن ينصبن على أبوابِهنَّ رايات تكون علمًا، فمَن أرادهنَّ دخل عليهنَّ، فإذا حملت إحداهنَّ ووضعت حملَها، جمعوا لها ودعوا لها القافة، ثم ألحقوا ولدها بالذي لا يرون، فالتاطه ودُعِيَ ابنه لا يمتنع من ذلك".

  13. مظاهر الانهيار الأسري في مجتمعات ما قبل الإسلام • ولم يكن العرب وحدَهم يحتقِرون المرأة ويغبنونَها ويهضِمون حقَّها؛ بل كان العالم كلُّه من حولِهم يستضْعِفُها، وبنظرةٍ إلى أوضاع المرأة في العالم القديم عند غير العرب نرى ذلك جليًّا؛ فمن ذلك: • وعند اليهود: يُنظَر إلى المرأة في الدِّيانة اليهوديَّة على أنَّها شرٌّ ولعنة يَجب الابتِعاد عنها، ولا تؤتَمن على سر، وهي أشدُّ من الموت، وقد وُصفت المرأةُ في التوراة المحرَّفة على هذا النحو: "درتُ أنا وقلبي لأعلم ولأبحث ولأطلب حكمةً وعقلاً، ولأعرف الشرَّ أنَّه جهالة، والحماقة أنَّها جنون، فوجدتُ أَمَرَّ من الموت المرأة التي هي شِباكٌ، وقلبها شِراك، ويداها قيود".وعند النصارى: لا يختلِف حال المرأةِ في النَّصرانيَّة عن حالِها في الأُمم السابقة، وقد وردت بعضُ النصوص التي تحذِّر منها، ومن أهمِّها: • - قول القديس تونوليان: "إنَّها مدخل الشَّيطان إلى نفس الإنسان، ناقضة لنواميس الله". • - وقول القديس سوستام: "إنَّها شرٌّ لابدَّ منه، وآفةٌ مرغوبٌ فيها، وخطرٌ على الأسرة والبيت، ومُصيبة مطليَّة مموَّهة".

  14. مظاهر الانهيار الأسري في مجتمعات ما قبل الإسلام • 2- الانحلال الجنسي ونكاح المحارم: • وقد عمَّ ذلك البلاء العالم القديم، إلاَّ أنَّه كان في فارس أشدَّ، فقد كان أساس الأخلاق متزعزعًا مضطربًا، فقد ظهرت دعوة مزدك الذي ولد 487م، ودعا إلى الإباحيَّة والشيوعيَّة الجنسيَّة؛ قال الشهرستاني: "أحلَّ النساء، وأباح الأموال، وجعل الناس شركةً فيها كاشتِراكهم في الماء والنَّار والكلأ".وحظيتْ هذه الدعوة بموافقة الشبَّان والأغنِياء والمتْرفين، وصادفت من قلوبِهم هوى، وسعِدت كذلك بِحماية البلاط، فأخذ قباذ يناصرها، ونشط في نشْرِها وتأييدها، حتَّى انغمستْ الإمبراطوريَّة الفارسيَّة بتأثيرِها في الفوضى الخُلقيَّة وطغيان الشهوات؛ قال الطبري: "افترص السَّفلة ذلك واغتنموا، وكاتفوا مزدك وأصحابَه وشايعوهم، فابتلي النَّاس بهم وقوِي أمرُهم، حتَّى كانوا يدخلون على الرجُل في داره، فيغلِبونه على منزله ونِسائه وأمواله، لا يستطيع الامتِناع منهم، وحملوا قباذ على تزْيين ذلك وتوعَّدوه بخلْعِه، فلَم يلبثوا إلا قليلاً حتَّى صاروا لا يعرف الرجُل ولدَه، ولا المولودُ أباه، ولا يملك شيئًا ممَّا يتَّسع به... إلى أن قال: ولم يزل قباذ من خيار ملوكِهم حتَّى حمله مزدك على ما حملَه عليه، فانتشرت الأطراف وفسدت الثُّغور.وفوق ذلك عرَف الفرس نكاح المحارم، وهو الأمر الذي حرَّمه جميع الأديان السماويَّة، والطباع الإنسانيَّة السويَّة، وقد انتشرت تلك الرَّذيلة لديْهم، حتَّى صارتْ أمرًا مألوفًا لا يُستَغْرَب، حتَّى إنَّ يزدجرد الثاني الذي حكم في أواخر القرْن الخامس الميلادي تزوَّج بنتَه ثمَّ قتلها، وإنَّ بهرام جوبين الذي تملَّك في القرْن السَّادس كان متزوِّجًا بأخته.

  15. مظاهر الانهيار الأسري في مجتمعات ما قبل الإسلام • يقول البروفسور أرتهر كرستن سين، أستاذ الألسنة الشرقيَّة في جامعة كوبنهاجن بالدنمارك، المتخصِّص في تاريخ إيران في كتابه "إيران في عهد السَّاسانيين": "إنَّ المؤرخين المعاصرين للعهد الساساني مثل جاتهياس وغيره، يصدِّقون بوجود عادة زواج الإيرانيين بالمحرَّمات، ويوجد في تاريخ العهد السَّاساني أمثلة لهذا الزَّواج، فقد تزوَّج بهرام جوبين، وتزوَّج جشتسب قبل أن يتنصَّر بالمحرَّمات، ولم يكن يعدُّ هذا الزَّواج معصية عند الإيرانيِّين؛ بل كان عملاً صالحًا يتقرَّبون به إلى الله، ولعلَّ الرحَّالة الصيني (هوئن سوئنج) أشار إلى هذا الزَّواج بقولِه: إن الإيرانيِّين يتزوَّجون من غير استثناء".الصراع بين الأقارب على المُلْك: • من المعلوم أنَّ للمُلك سطوةً على النفوس، تدفع صاحبه أحيانًا إلى ارتكاب بعض الآثام والشرور، أمَّا أن يصل الأمر للقتل، فذاك إثم عظيم، ولكنَّ الأوضاع الجاهليَّة التي سبقت الإسلام، ودمَّرت الأسرة، وهدَّت بنيانَها - جعلت الأمر يصِل إلى أقبح من ذلك؛ إذ وصل إلى صراع الأقارب بعضِهم بعضًا، وقَتْل بعضِهم بعضًا، كما حدث من عمرو بن تبان وقتله لأخيه حسَّان ملك اليمن ليحصل على مُلكه؛ كما جاء في "سيرة ابن هشام"، الذي قال: لمَّا ملك حسَّان بن تبان أسعد أبي كرب سار بأهل اليمن يريد أن يطأَ بهم أرض العرب وأرض الأعاجم، حتى إذا كانوا ببعض أرض العراق كرهت حمير وقبائل اليمن المسيرَ معه، وأرادوا الرَّجعة إلى بلادِهم وأهلهم، فكلَّموا أخًا له يُقال له عمرو وكان معه في جيشه، فقالوا له: اقتل أخاك حسَّان ونملِّكُك عليْنا، وترجع بنا إلى بلادنا، فأجابَهم، ففعل ثم قتل عمرو أخاه حسَّان ورجع بمن معه إلى اليمن.وهكذا استحلَّ الأخ دمَ أخيه، وهانت عليه القرابة والرَّحم!!

  16. مظاهر الانهيار الأسري في مجتمعات ما قبل الإسلام • وقد بلغ انحلال عُرى الأسرة، وأواصر القرابة أكثر من ذلك؛ إذْ بلغ الأمر قتل الابنِ لأبيه، كما حدث من شيرويه بن كسرى بعد أن أرسل الرَّسول كتابَه إلى أبيه يدعوه إلى الإسلام، وكان السبب الذي تعلَّل به الابنُ لارتكاب جريمتِه هو كما قال: "إني قد قتلتُ كسرى، ولم أقتلْه إلا غضبًا لفارس؛ لما كان استحلَّ من قتْل أشرافِهم وتَجميرهم في ثغورهم".إذن؛ كانت أواصِر القربى قد هانتْ على أهل الجاهليَّة قبل الإسلام على اختِلاف مِللِهم وأوطانهم وطباعهم، وكان لزامًا أن يأتي الإسلام ليُعيد لتلك الروابط قوَّتَها، ولتلك الأواصر مكانتَها واحترامها.

  17. مظاهر الانهيار الأسري في المجتمعات المعاصِرة • اجتَهَدَ الغربُ كثيرًا في محاوَلة إقناعنا بأنَّ الإسلامَ لا يُقيم موازين العدل بين أفراد الأسرة، وأنَّ أحكام الشريعة الإسلامية، التي أنزلها الله - سبحانه وتعالى - لإسعاد البشر - تَتَسَبَّب في تعاسَة الأسرة، وأنَّ قوانين الحضارة الغربيَّة وقواعدها وتقاليدها هي النموذج الأمثل لسعادة الأسرة، وقد صدَّق البعض منَ المسلمين هذه الادِّعاءات، وقرَّروا أن يُطَبِّقُوا تلك التَّقاليد والقوانين في حياتهم.وكان المنتَظَر - والحال صارتْ هكذا - أن نرى هؤلاء، ومجتمعاتهم - سواء الغربية، أم المسلمة التي اتَّبَعَتْ خُطاهم - قد صارتْ في سعادة وهناء، وخلتْ منَ المشاكل التي تعج بها الأسرة المسلمة في السيرة النبوية - على حدِّ زَعْمِهم - ولكن تعالوا نرى نتائج ما اقترفوه في حق أنفسهم، وحق المسلمين من أمراض اجتماعيَّة، أقضَّت بنيان الأسرة، ومن ذلك:

  18. مظاهر الانهيار الأسري في المجتمعات المعاصِرة • 1- ارتفاع مُعَدَّلات زنا المحارِم: • فقد أعرب علماء اجتماع نرويجيون عن قَلقِهم إزاء ارتفاع نِسب ما يسمَّى بزنا المحارم في المجتمعات الغربية، وتحديدًا في النرويج، وسجَّلَ المركز المناهِض لزنا المحارم بأوسلو ارتفاعًا كبيرًا لنسبة مرتكبيها هذا العام، مقارنةً بالعام الماضي، وأفاد المركزُ الذي يُشرف عليه اختصاصيون وعلماء نفس واجتماع: أنَّ عدد الذين طَلَبُوا المساعَدة نتيجة لتعرُّضهم لهذه المُمَارَسة سَجَّل رقمًا قياسيًّا هذا العام، بلغ 4500 شخص، فيما بلغ العدد العام الماضي 3600.كما تُفيد سجلاَّت المركز بأن 14% منَ البنات التي تقِلُّ أعمارهن عن 14 سنة يتعرضْن لاعتداءات جنسيَّة[1].2- انتشار العُنف الأسري: •  وأين هذا منَ المبدأ الذي وَضَعَهُ الإسلام: {وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الروم: 21]. • بينما جاء الإسلام بهذا، انظر إلى مَنِ ابتعد عن منهج الله تعالى؛ فقد نشرتْ إحدى المنشورات البريطانية المتخصِّصة أنَّ نسبة 9 % من ضحايا العُنف الزوجي الأسري هم من الرِّجال، وأُصِيبوا بِجُروح وكَدَمات على أيدي زوجاتهم.وأعلنتْ نتائج استفتاء بين النِّساء الشابات حيث قال نسبة 10 % منهنَّ: إنَّ مِن المقبول ضرب أزواجهن، وهناك نسبة رجل من بين ستة رجال يكون ضحية للعنف الزوجي في إحدى لحظات حياته، كما تُوَضِّح الدِّراسة أنَّه بينما هناك 120 امرأة تموت سنويًّا بسبب العنف الزوجي، يوجد 30 رجلاً يموتون سنويًّا لنفس السبب وفي نفس الظروف.ولك أن تقارنَ بين ذلك الوَضْع المؤسِف لعلاقة كرَّمها الله - عز وجل - وسقط بها البشر إلى مستوى العراك والشجار والقتل أحيانًا، وبين الوَضْع الذي جاء به الإسلام، وطبقه رسول الله - صلى الله عليه وسلم.

  19. مظاهر الانهيار الأسري في المجتمعات المعاصِرة • 3- انتشار العنوسة: • ففي الوقت الذي يحضُّ فيه الإسلام على الزواج، والتبكير بإعفاف الشباب والفتيات؛ ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((يا معشر الشباب، منِ استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومَن لم يستطعْ، فعليه بالصوم؛ فإنه له وجاء)) .  • في هذا الوقت نجد أنَّ المجتمعات المسلِمة الآن، بعد اتِّباعها لأفكار الغرب، قد أُصِيبت بالعنوسة المتفشِّية بين أبنائها وبناتها؛ فتشير الأرقام إلي أن نسبة العنوسة بلغت 30 % في قطر، ونفس النسبة أو تزيد في الإمارات.وتكشف الأرقام عن تنامي ظاهرة العُنُوسة في مصر؛ حيث أعلن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء: أنَّ عدد المصريين الذين بلغوا الثالثة والثلاثين ولم يتزوَّجوا بعدُ بلغ 8 ملايين و963 ألفاً؛ منهم نحو 4 ملايين امرأة.أما عدد الذين بلغوا سن الزواج ولم يتزوجوا، فقد تَخَطَّى الـ 13 مليون، وفي الكويت اقتربتْ نسبة العُنُوسة من 30 % حسب إحصاءات رسمية، وقد بدأ الشباب الكويتي يتردَّد في الإقدام على الزواج؛ نظرًا للأعباء الاقتصاديَّة التي تَتَرَتَّب عليه. • وفي السعودية؛ أكدتْ إحصائيات صادرة عن وزارة التخطيط أنَّ ظاهرة العنوسة امتدتْ لتشمل حوالي الثلث منَ الفتيات السعوديات في سنِّ الزواج، وأنَّ عدد اللاتي تجاوزْن سن الثلاثين بلغ أواخر 1999 مليون و529 فتاة.وأشار مسح حكومي أردني إلى تأخُّر سنِّ الزواج بين الإناث الأردنيات؛ ليبلغ حاليًّا 22.5 سنة، وارتفعت نسبة النساء العُزَّاب في الفئة العمرية 15-49 عامًا مِن 34 % عام 1976م إلى 49 % عام 2001م، ودلَّتِ النتائج على أن 4 % فقط من السيدات تخطَّين عمر الزواج حتى نهاية عمرهن الإنجابي .وتستطيع أن تَتَنَبَّأ بعدد الأمراض الاجتماعية التي تضرب المجتمعات المسلمة في مقتل؛ نتيجة تأخُّر سنِّ الزواج بين الشباب والفتيات؛ فمِن ذلك الانحلال، والعلاقات الجنسيَّة غير المشروعة؛ كظاهرة الزواج السري، الذي هو زنا صريح، والزواج بالدم، إلى آخر هذه الظواهر الانحلالية.

  20. مظاهر الانهيار الأسري في المجتمعات المعاصِرة • 4- انتشار ظاهرة هُرُوب الفتيات: • وهي ظاهرة كانتْ غريبةً على المجتمعات الإسلامية، ولكن تحت وطأة التأثُّر بالإعلام، وتهوين الأمر على النفوس، وفي ظلِّ اختلاط بعض المجتمعات بالغرب أكثر من غيرهم - ظهرت تلك الظاهرة للوُجُود، وباتتْ تُشَكِّل خطرًا كبيرًا على بنيان الأسرة؛ ففي أقل من 3 سنوات غادرتْ 160 مراهقة منازلهن في (أبو ظبي)، و(دبي)، و(العين)، حسب ما ذكرته صحيفة "الإمارات اليوم" الاثنين 19 - 9 – 2005؛ وذلك هربًا مِن مضاعفات العنف الأسري، وضغوطات المرحلة العمرية الحرجة، وسعيًا وراء "تحقيق أحلام شخصية وتحقيق الذات"، حسبما يؤكِّد مختصون يحذرون مِن خُطُورة هذه الظاهرة الحديثة على الاستقرار الأسري. • يتراوح معدَّل أعمار الفتيات الهاربات بين 15 و20 عامًا، ووفقًا لشرطة دبي، فقد هربتْ 31 فتاة في 2003، و15 العام الماضي، و28 منذ مطلع هذا العام، وسجلتْ مدينة العين 20 حالة العام الماضي، و15 حالة منذ بداية العام الجاري، في حين رصدت الشرطة 15 حالة في (أبوظبي) أيضًا.ووفقًا لدراسة أجراها مركزُ الأحداث تبين أنَّ "هُرُوب الفتيات يَتَزَايَد صيفًا، ويعود ذلك إلى عدم القيام بأيِّ نوع من الأعمال المفيدة في أوقات الفراغ، ومشاهدة القنوات الفضائية، والبرامج غير الهادفة، دون رقيب سري".كما أنَّ غياب دور أحد الوالدين مؤثِّر في حياة الأبناء، فحسب الدراسة السابقة نفسها، تبين أن "80 % من حالات الانحراف لدى طلبة المدارس في المرحلة الإعدادية، وتقلُّ النسبة بشكل ملحوظ في المرحلة الثانوية"

  21. مظاهر الانهيار الأسري في المجتمعات المعاصِرة •  5- ارتفاع معدلات الطلاق: • كأنَّ المجتمعات المسلمة ينقصها ذلك المرض؛ ففوق تأخُّر الزواج، ونسب تحقُّقه؛ زادت نسب الطلاق بشكل مخيفٍ؛ فقد خلصتْ دراسة حديثة قامتْ بها أكاديمية سعودية حول الطلاق والتغيُّر الاجتماعي في المجتمع السعودي - إلى أن التغيُّرات التي حدثتْ في المجتمع السعودي انعكستْ بظلالها على الأسرة، وأدتْ إلى ارتفاع معدلات الطلاق فيها، والتي بلغتْ نسبتها وَفْقَ آخر إحصائية رسميَّة لوزارة العدل السعودية: 21 في المائة خلال عام واحد؛ أي: إنَّ هناك 2000 حالة طلاق تتم في الشهر، فيما تقع 69 حالة طلاق في اليوم، و3 حالات تتم كل ساعة، مشيرة إلى أنَّ السعودية تَتَصَدَّر دول الخليج في ارتفاع نسب الطلاق فيها.ويرى عدد منَ الباحثين أنَّ اكتشاف البترول، وتنمية المجتمع، وتغيُّر تركيبة البناء الاجتماعي، وتغيير شكْل الأسرة ووظائفها، وطغيان السلوك الاستهلاكي على حياة الأفراد - تشكِّل جميعها أسبابًا لزيادة نسب الطلاق في المجتمع السعودي، كما كان لانتشار التعليم[5] بين الجنسين، وعمل المرأة، واستغلالها الاقتصادي، وانتشار وسائل الاتصال الحديثة، والفضائيات، وتغيير النسق القيمي - نفسُ الأثر في ارتفاع معدلات الطلاق داخل المجتمع، لافتة إلى وجهة نظر المطلقات حسب الدراسة، والتي ترى أن أسباب الطلاق تكْمُن في سوء الأخلاق واختلاف طباع الزوجين، وتدخل الأهل، وظُهُور أنواع منَ الزواج؛ مثل: المسيار، والمسفار، والإدمان، والجفاف العاطفي، والخيانة الزوجية، وعدم الإنجاب، وأشارتِ الدراسة إلى أنَّ زيادة المشكلات والضغوط الاقتصادية التي تواجِه المتزوجين أضعفتِ النظرة للزواج وقدسيته،

  22. مظاهر الانهيار الأسري في المجتمعات المعاصِرة • فلم يعد الزواج هدفًا في حدِّ ذاته كما في السابق؛ بل هو وسيلة لبناء حياة سعيدة، وهذا ما ساعَدَ على ارتفاع معدلات العُنُوسة لدى الكثير منَ الرجال والنساء في السعودية، كما أن تغيُّر النظرة للطلاق والأمومة في السنوات الأخيرة ساهَمَ في ارتفاع معدَّلات الطلاق؛ إذ أصبح الطلاق مقبولاً اجتماعيًّا، فلم يعدِ الطلاق نهاية الحياة، والأمومة والتضحية لم تعدْ هي القِيَم الأساسية التي تكرس المرأة حياتها لها • وأشارت الدراسة إلى ارتفاع مُعَدَّلات الطلاق في جميع المجتمعات العربية، حيث احتلتْ مصر المركز الأول في معدلات الطلاق، تليها الأردن، ثم السعودية، فالإمارات، فالكويت، ثم البحرين، وقطر، وأشار تقرير آخر إلى أنَّ هناك حالة طلاق تنظر كل ست دقائق أمام المحاكم المصرية.أوضحت الدراسة التي أَعَدَّها مركز سلمان الاجتماعي بالرياض نتائج سيئة، تنذر بخطر كبير عن حالات الطلاق والعنوسة في دول الخليج؛ حيث أشارتِ الدراسةُ إلى أن نسبة الطلاق في قطر وصلت إلى 38 % من حالات الزواج، في حين بلغتْ نسبة العنوسة إلى 15 %، ووصلتْ نسبة الطلاق في الكويت إلى 35 % من إجمالي حالات الزواج.  • لكن في البحرين - التي اشتهرتْ بالترفيه الخاص - قد وصلتْ نسبة الطلاق إلى 34 % من إجمالي حالات الزواج، بينما الإمارات فقد وصلت نسبة الطلاق إلى46 %.بينما في المغرب بلغتْ عدد عُقُود الزواج في الرِّباط خلال العام الماضي8569 عقد نكاح، في حين بلغت حالات الطلاق 2721 حالة، وشكل الطلاق الخلعي النسبة الكبرى من الحالات، بينما احتلَّ الطلاق الرجعي المرتبة الثانية، فيما تبقى نِسب حالات الطلاق قبل البناء والطلاق المكمل للثلاث متدنية

More Related